ذ.عبد اللطيف مجدوب يكتب : خيرات بلدان عربية وخريطة الفقر!..

admin
كتاب واراء
admin10 يوليو 2021آخر تحديث : منذ 3 سنوات
ذ.عبد اللطيف مجدوب يكتب : خيرات بلدان عربية وخريطة الفقر!..

عبد اللطيف مجدوب

تكشف الجغرافية الاقتصاديةEconomic Geography عن موارد اقتصادية ضخمة ومتنوعة، تحبل بها مناطق عديدة من بلدان عربية، سواء بباطن الأرض، كالغاز الطبيعي والنفط والمعادن، أو على السطح، كالثروات البحرية والحيوانية، والمياه والفلاحة والغابات؛ فضلا عن تنوع مناخاتها السياحية، كالسواحل البحرية والأحراش الجبلية والكثبان الرملية والصحراوية…هذا عدا بعض القنوات والمعابر والخلجان البحرية التي تعتبر شريانات اقتصادية حيوية، تربط بين قارات عدة.

ويمكن إيجاز عائدات هذه الثروات عموماً في مئات المليارات من الدولارات سنوياً. ولعل هذه المناطق، بما حباها الله من مواقع إستراتيجية وخيرات باطنية وسطحية، كانت عبر حقب تاريخية مختلفة محل تجاذبات ونزاعات سياسية وتهافت اقتصادي؛ ومازالت حتى اليوم المصادر الاقتصادية الرئيسة التي تعتمد عليها عدة بلدان أوروبية في تفوقها الصناعي، تعلق الأمر بالنفط والغاز الطبيعي أو الثروات السمكية أو مجال التعدين، كالحديد والفوسفاط.

الدخل الفردي والمعادلة المختلة

يجمع خبراء الاقتصاد والجغرافية البشرية على أن هذه الموارد الاقتصادية الهائلة التي تزخر بها هذه البلدان العربية كافية لبناء دول حديثة وبمواصفات تكنولوجية من أحدث طراز…مع إمكانية الاستثمار في الموارد البشرية العربية إلى مستوى ينافس السوق الدولية للشغل؛ ولأمكن وجود تعايش اجتماعي رفيع المستوى بنسب لا تقل عن 12 دولارا كدخل متوسط يومي.

بيد أن توزيع الثروات، في هذه البلدان، كان ومازال قضية مركزية قائمة على احتكارها وتكديسها بأيدي طبقات ونخب اجتماعية تتفرد بالسلطة والمال، وتجنح ببلدانها إلى حافة تغول الطبقية بشكلٍ مهول؛ تتواجد داخلها عائلة تعيش في الحضيض بدخل لا يتجاوز 4 دولارات يوميا، إلى جوار أخرى تعيش في السحاب بدخل يصل إلى 400 دولار يوميًا . فعلى سبيل المثال نجد أن دولة قطر تتصدر المجموعة العربية بدخل فردي بمعدل 93 د/ي تتبعها الإمارات بـ 60 د/ي؛ فالسعودية بـ46 د/ي. لكن الواقع يشهد بمعضلة أخرى، تتمثّل في وجود فوارق ضخمة بين هذه المعدلات نفسها؛ ما يعني تعايش مواطن بدخل 90 د/ي مع مواطن آخر بدخل لا يتعدى 15- 20 د/ي بدول الخليج، مقابل وجود شريحة مغاربية بدخل 3-4 د/ي جوار أخرى بدخل يفوق 50 د/ي!.

صحارى من البترول وتصحر ثقافي!

جزائري: “أرضنا ذهب وبطوننا جائعة”.

وفي هذا السياق يمكن إدراج الجزائر ضمن “الطبقات الحاكمة” في البلدان العربية ذات الموارد البترولية، التي تفوق عائداتها سنوياً مئات المليارات من الدولارات، تتكدس بها أبناك سويسرا بهويات ملفقة، بينما شعوبها ترزح ومنذ عقود تحت ربقة الفقر والأمية؛ فالإحصائيات وكذا الدراسات، كما هو وارد في أرشيف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة UNESCO؛ تبين أن معدل الأمية الأبجدية في العالم العربي يعرف مستويات مهولة، تصل إلى %49 من مجموع السكان، وأن معدل القراءة لدى المواطن العربي عموماً لا يتجاوز 6 دقائق سنوياً، مقابل 3 أشهر لدى الياباني وشهرين لدى الأمريكي.

والمفارقة في هذا المشهد السوسيو-اقتصادي الحالك هو تصاعد وتيرة الهجرة السرية والعبور إلى أوروبا بحثاً عن لقمة العيش، رغم النداءات المتكررة والموجهة إلى هذه البلدان مصدر الهجرة بضرورة تأهيل أوضاعها السياسية والاقتصادية وإعادة النظر في سياسة توزيع ثرواتها.

ليبيا.. حباً فيك أم في بترولكِ؟!

غني عن البيان أن الحراك السياسي الذي نلاحظه هذه الأيام يضرب بطوقه على ليبيا، والنداءات اللهيبة، من هذا الطرف أو ذاك، بضرورة إخلاء البلاد من “القوات الأجنبية” من جهة، واللقاءات الماراطونية العرقوبية التي ما فتئت تحتضنها بعض العواصم الأوروبية والإفريقية والمغرب بوجه خاص من جهة أخرى، في محاولة للم شمل هذه الدولة التي تمزقت أوصالها في أعقاب طوفان “الربيع العربي”، ودفن نظام القذافي..أمور مرد أغلبها إلى الأطماع الاقتصادية التي تقودها بعض المساعي للانخراط في الأمر الواقع وضمان حصتها من الكعكة السمينة التي يمثلها نفط ليبيا بـ 48 ألف برميل يومياً، مع احتياطي يقدر بـ 131 سنة؛ علاوة على الجودة التي يشتهر بها في الأسواق العالمية.

والسؤال الإستراتيجي المطروح بحدة هو لماذا هذا السعي الحثيث إلى إرساء دعامة حكومية صلبة، هل حباً في المواطن الليبي والعمل على انتشاله من مستنقعات التخلف والتهميش والنزاعات المسلحة؟.

للإجابة يكفي النظر إلى دول الخليج والعراق… فهناك تأمين لطرق الغرب في إحكام سيطرته على آبارها البترولية؛ بينما شعوبها تعيش شبه يومياً على إيقاع النيران تناحرا على السلطة بين تنظيمات راديكالية و”أحزاب سياسية”.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.