ذ.عبد اللطيف مجدوب يكتب : هل سيغدو الإرهاب سلاحا استراتيجيا؟!

admin
كتاب واراء
admin9 أبريل 2024آخر تحديث : منذ 8 أشهر
ذ.عبد اللطيف مجدوب يكتب : هل سيغدو الإرهاب سلاحا استراتيجيا؟!

عبد اللطيف مجدوب

مرت البشرية حديثا بمحطات تاريخية دقيقة وفاصلة؛ كان فيها “الإرهاب” سيد الموقف، أُزهقت فيه أرواح في غفلة عن كل أجهزة المراقبة الأمنية، اتخذ لأنشطته الدموية مسارات ومسارح شتى، تارة داخل مجمعات اقتصادية عمومية، وطورا استهدافا لمقرات ومراكز حساسة، يضرب داخل مساجد آهلة بالمصلين، كما ينسف أو يعطل جسورا للتواصل في هذا البلد أو ذاك؛ وفي جميع الحالات أو أكثرها شيوعا؛ هو مجهول الهوية والجغرافية، ولا تنكشف آثاره أو بالأحرى بصماته إلا في أعقاب سقوط ضحاياه ودمار المباني. وتعد محطة 11 شتنبر من أبشع الوجوه والأقنعة التي تقنع بها الإرهاب يوم أن أقدم على عملية تدمير برج بنيويورك، مستعملا طائرة إيرباص النفاثة كوسيلة انتحارية؛ تجاوزت أرقام ضحاياها الثلاثة آلاف ضحية، وهو أبرز عمل إرهابي دشنه تنظيم القاعدة بزعامة بلادن، والذي اتخذ من أفغانستان مقره الرئيس، قبل أن يأخذ في الانتشار، ويفتح له جبهات أخرى ولو بمواصفات خاصة، سواء في جزيرة الشام أو باقي المناطق الأخرى، بأوروبا وشمال إفريقيا.

وقد احتضنته لاحقا بعض التيارات الصهيونية، وأمدته بالمال والعتاد، وركبته كوسيلة لاكتساح عديد من الأنظمة العربية في محاولة مبطنة لتسفيه وتكفير كل معتقداتها الإسلامية، وهو ما أطلق عليه تنظيم “داعش” أو “الدولة الإسلامية في العراق والشام” سنة 2006. آنئذ أخذت تنظيماتها في التوسع الجغرافي، عرفت بمسميات مناطق مقارها أو بالأحرى خلاياها النشطة حينا وبأسماء متزعميها حينا آخر، كما في شمال افريقيا بزعامتي عبد الله حفص وأبي موسى.

صمت التنظيمات الإسلامية إزاء ما يجري في غزة

تساءل العديد من المراقبين عن دلالة الصمت المطبق الذي تتمسك به تنظيمات وجماعات إسلامية عديدة تجاه أحداث غزة، معظمها يتخذ من سوريا والعراق وتونس والجزائر مقرات لها، إذا استثنيا الحوثيين / حركة أنصار الله باليمن والتي هي موالية لإيران بحكم المذهب الشيعي، ولعل أقرب توضيح بهذا الشأن يحيلنا على وجود تواطؤ؛ إلى حد كبير؛ من قبل هذه التنظيمات مع أمريكا وإسرائيل، بالنظر إلى أحداث “الربيع العربي” الذي رأت فيه القوى الغربية مدخلا حيويا إلى إحداث فوضى خلاقة، ومن ثمة الإجهاز على معظم الأنظمة العربية، لذلك استخدمت هذه “التنظيمات والجماعات المسلحة المرتزقة” لتمزيق الواقع السياسي العربي وضرب وحدته وخلق فوضى عارمة؛ مازالت حتى الآن تعاني منها، وبالتالي هذه التنظيمات هي صنيعة غربية.

كأداة لنشر الرعب وحالات اللأمن!

لقد مضى على حرب روسيا وأوكرانيا، حتى الآن، ما ينيف عن السنتين، مازالت تبعاتها فاعلة في المحيط الدولي العام، وعلى عدة أصعدة، أبرزها الطاقة والمواد الأولية.. وفي آن شحن العلاقات الدولية بدرجات عالية من التوتر والنزوع بها إلى التعددية القطبية، ولسعيرها، أنفق الغرب بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي؛ آلاف المليارات من الدولارات لتعزيز ترسانته العسكرية الموجهة ضد روسيا، هذا عدى أعداد ضحاياها الذين يعدون بعشرات الآلاف، ناهيك عن صور التشرد والنزوح التي تعرفها الحدود الأوكرانية الروسية والبولونية.

لكن؛ وبالرغم من هذا الدعم العسكري واللوجستيكي الذي تتلقاه أوكرانيا من جهة، ومستوى العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا من جهة أخرى، لاحظ الغرب أن جهوده هذه في خنق اقتصاديات روسيا لم تؤثر بشكل كبير على غريمتها، بل دفعت بها؛ وتحت غطاء العداء الآسيوي التقليدي لأمريكا؛ إلى السعي في خلق تحالفات سياسية واقتصادية وعسكرية مع دول مجاورة، على رأسها الصين وكوريا الشمالية وإيران.. وهو ما تخشاه أمريكا، وتراه تحديا استراتيجيا ينذر؛ على المدى القصير؛ بالاكتساح الصيني وهيمنته الاقتصادية وتدمير القطبية الأحادية الأمريكية، فلجأت إلى سلاح تراه فتاكا في تقويض الوحدة الروسية، هو عبارة عن زرع خلايا إرهابية مدمرة، بالنسق الذي جربته في سوريا والعراق، فتنظيم “داعش”؛ كما كشفت عنه وثائقه السرية؛ نما وتبنته أمريكا وإسرائيل أول الأمر لتمهيد الطريق أمام هيمنتها على الشرق الأوسط، تحت غطاء الإسلام وشرائعه المزيفة، وصل حدا من العنف غير مسبوق، تمثل أساسا في ضرب الأعناق أمام الملأ، ونسف الأحزمة المتفجرة، والإقدام على عمليات انتحارية ؛ تأتي على عشرات الضحايا.

ومن هذا المنظور من جهة، وتبعا لعملية كروكوس سيتي الموسيقية التي خلفت 154 قتيلا بموسكو الشهر المنصرم 22/3/2024 من جهة ثانية، فروسيا الآن باتت تعيش على هاجس صفيح ساخن بتعدد العمليات الإرهابية وتمدد مسارحها بدءا بالعاصمة موسكو، عمليات تخلف حالات الذعر والهلع في جميع الأوساط، ما قد يكون لها أبلغ الأثر في خلق وتكريس حالات الاضطراب، وهو مقدمة لانقسامات؛ قد تعصف بالوحدة الفيدرالية الروسية على المدى البعيد.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.