ضعف البحث العلمي و مواجهة كورونا القاتلة..
حسوني قدور بن موسى
يعتبر البحث العلمي البعد الأساسي في التقدم و الازدهار في
جميع ميادين الحياة الاقتصادية و الاجتماعية و التكنولوجية و البيئية و الصحية… وله الدورالهام في بناء الدولة العصرية لأنه صيغة التقدم التي بها
تبنى الأوطان ، تعود أسباب تأخر الدولة في مجال البحث العلمي الى عدم توفرالمقومات
العامة للبحث العلمي التي يمكن تحديدها في ما يلي، أولا: البيئة التمكينية للبحث
العلمي و التي تشمل كل ما هو لازم لتنشيط و تطبيق البحث العلمي، ثانيا: العنصر
البشري (الباحث) فالمؤهلات والشهادات لا تكفي لتكوين الباحث، بل يحتاج البحث العلمي
إلى بناء قدرات خاصة بالبحث والى نشر ذهنية البحث العلمي بين الطلبة و الأساتذة
الجامعيين و العاملين في الوسط العلمي بشكل عام، ثالثا: الدعم المالي اللازم و
الذي يعتبرالركيزة الأساسية للبحث العلمي إلى جانب توفير الطلب على البحث العلمي،
و الذي يتطلب توفير النموذج التنموي على مستوى الدولة و الذي يضع في خططه الاعتماد
على العلم و التكنولوجيا كأداة للتنمية.
يعاني البحث
العلمي في المغرب وضعا صعبا للغاية جعل الفجوة كبيرة اذا ما قورن بالدول الاوروبية
، واذا حاولنا معرفة الجانب المالي الذي يتم صرفه في مجال البحث العلمي نجده لن
يصل الى ملياري دولار سنويا في أفضل الدول العربية حالا ان لم يكن أقل ، و هو مبلغ
قد يعادل ما تصرفه جامعة واحدة في أمريكا، و حجم البحوث العلمية العربية شحيحة جدا
مقارنة مع النسب العالمية ، فالدول التي تسعى الى التقدم و الازدهار دائما ما تضع
البحث العلمي على رأس أولويات أجندتها و لا تبخل بتخصيص نسبة كبيرة من مجهوداتها و
ناتجها القومي لصالح تنمية مجال البحث العلمي في كثير من التخصصات.
و لقد اعترفت
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر في المغرب بأن الميزانية
المرصودة للبحث العلمي ” لا تزال دون مستوى الطموحات” إذ أنها لا تتعدى
اليوم 0,8 في المئة من الناتج الداخلي الخام، في حين أن المتوسط العالمي يصل إلى 2
في المئة عموما، وحتى 4 في المئة في الدول
المتقدمة.
ان مشكلة المغرب في مجال البحث العلمي لا تجد اهتماما كبيرا من قبل
المسؤولين ما انعكس سلبا على تصنيف الجامعات المغربية مقارنة مع غيرها في أخر
المرتبات حسب التقريرالصادر في شأن مستويات 500 جامعة على مستوى العالم ، لم تكن
من بينها سوى جامعة عربية واحدة صنفت وفق المعاييرالمعتمدة كقاعدة يحتكم اليها و
في مقدمتها مدى الاهتمام بالبحث العلمي كما و نوعا و صرفا ماليا.
و نظام التعليم الذي يخرج الكثير من الأميين بمعدلات مخجلة نتيجة الغش و البيع و الشراء في الشهادات
الجامعية حيث يمكن لأي طالب او موظف لا يعرف الجامعة أن يحصل على شهادة جامعية ليسانس أو ماجيستر أم حتى دكتوراه في أي تخصص الأمر الذي يهدد مصداقية مستوى البحث
العلمي و الحياة التعليمية في بلادنا ، و هنا تنعدم القيمة العلمية و التطبيقية
التي تمثل اسهاما جديدا في الحضارة البشرية.
ان ملف البحث العلمي في المغرب كقضية مهمة ذات جوانب متعددة تشمل الجانب
المادي و ما يتصل به من فساد و نهب و سرقة و تبذير أموال و ثروات الشعب في
الأمورالتافهة و تنظيم الحفلات الراقصة والمهرجانات الباهضة التكاليف هذا بالاضافة
الى صرف رواتب خيالية للمسؤولين فعلى سبيل
المثال فان رواتب المستشارين و الموظفين
بمجلس المستشارين تكلف المغاربة 20 مليار سنتيم و يبلغ راتب رئيس الحكومة
المغربية 100 مليون سنتيم سنويا بينما
بيلغ حاليا الراتب الشهري للرئيس الفرنسي 19 ألف يورو هذا فضلا عن سرقة صناديق
الدولة و تهريب الأموال الى الخارج من طرف المفسدين، ومنح الملايير الى المطربين أمثال المغنية الأمريكية ” جينيفرلوبيز” حيث كشف موقع ‘كود’
الإلكتروني عن أجور بعض الفنانين الذين دُعوا إلى الدورة العاشرة لمهرجان ‘ موازين’
علماً بأن هذه الأجور لا تدخل فيها تذاكر الطائرات ومصاريف الإقامة في الفنادق
الفخمة بالمغرب وأجورالحراس الشخصيين : 200 ألف دولار لعمرو دياب، 150 ألف دولار
لحسين الجسمي، 135 ألف دولار لراشد الماجد، 120 ألف دولار لكاظم الساهر ألف دولار
لفارس كرم الخ.. أما بالنسبة لأجور المطربين الأجانب، فيكفي الاستدلال برقمين فقط
هما : مليون و200 ألف دولار لشاكيرا و800 ألف دولار” جو كوكير” وأفادت
صحيفة ‘أخبار اليوم’، من جهتها أن ميزانية دورة 2011 فاقت 62 مليون درهم مغربي أي
أزيد من سبعة ملايين و800 ألف دولار فيما تمثل الميزانية العامة للاستشهار
(الإعلانات) 34 مليون درهم أي أزيد من 4 ملايين و300 ألف دولار، هذه الأموال
الباهضة كان من الواجب صرفها في البحث العلمي و تجهيز الجامعات و بناء المستشفيات
لمواجهة الأزمات الصعبة مثل فيروس كورونا و غيره من الكوارث التي يجب التخطيط لها
قبل فوات الأوان.