- بقلم: الاستاذ حسوني قدور بن موسى
ان موضوع قانون المسطرة الجنائية مهم ومتشعب ومعقد لأنه مرتبط ارتباطا وثيقا بحقوق وحريات الأفراد والجماعات وبالمسؤولية الجنائية وهو يحتوي على أكثر من 700 مادة تحتاج الى الفهم والتفسير من جهة والى التعديل من جهة أخرى حتى تكون مواكبة للتطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع و متطابقة مع التغييرات التي طرأت على الصعيد الدولي بحيث يجب أن يكون قانون المسطرة الجنائية منسجما مع مبادئ حقوق الانسان كما هي متعارف عليها عالميا لكن أحيانا قد تصطدم هذه المبادئ الكونية مع التشريع الداخلي للدولة ومن أبرزها تلك المتعلقة بالسيادة الوطنية وخصوصيات الدولة السياسية والدينية والوطنية والتشريعية والثقافية وهذا ما يصطلح عليه بمبدأ ” سمو التشريع الداخلي على التشريع الخارجي”
La suprématie de la législation interne sur la législation externe.
عند صياغة مشروع قانون المسطرة الجنائية تظهر قدرة المشرع في التوفيق بين التشريع الداخلي وخصوصيات المجتمع ومبادئ حقوق الانسان المتعارف عليها عالميا.
ان مبدأ حقوق الانسان هو ذلك المبدأ السامي المقدس المتأصل في طبيعتنا البشرية بحيث يجب أن يعيش كل فرد في المجتمع في اطار حماية الكرامة المتأصلة في بني البشر وفي ذلك تحقيقا للعدالة والحرية والسلم كأساس لاستمرارالحياة في المجتمع.
و بناء على منجزات الإعلان العالمي لحقوق الانسان فقد دخل حيز التنفيذ في عام 1976 العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق المدنية والسياسية وقد أبرز هذان العهدان معظم الحقوق المكرسة اليوم في العهد وجعلاها ملزمة بالفعل للدول التي صادقت عليها وهما يتضمنان حقوقا عادية من قبيل الحق في الحياة والمساواة أمام القانون وحرية الرأي والتعبير الى جانب الحق في العمل والضمان الاجتماعي والتعليم و غيره من المجالات ، فاذا كان القانون الجنائي هو الذي يجرم الأفعال التي يرتكبها الانسان في المجتمع ويحدد العقوبات المناسبة لكل جريمة ويعنى بمسطرة البحث عن مرتكب هذه الأفعال بطريقة علمية سليمة لا تتعارض مع مبادئ حقوق الانسان و مع الدستور فان قواعد المسطرة الجنائية هي التي تحرك نصوص القانون الجنائي وتبث فيها الحركة والحياة لتقوم بدورها وبأهدافها التي من أجلها وضعت، ولهذا فان قانون المسطرة الجنائية هو الذي يعبر عن السياسة الجنائية و عن التوجهات العامة للدولة، فعلى سبيل المثال فان التقليص من مدة الحراسة النظرية التي تحد من تحركات الأفراد واحترام حرياتهم المنصوص عليها في القانون ومنع التعذيب الجسدي والمعنوي والاعتقال التعسفي وتجريم انتهاك حرمة المنازل ومنع تفتيشها دون ترخيص من النيابة العامة و رضا صاحبها فان كل هذه المقتضيات الحقوقية اذا كانت تحترم وتطبق في الواقع فان ذلك يعتبر دليلا على أن الدولة قد خرجت من مرحلة الدولة البوليسية الى مرحلة دولة الحق والقانون ولهذا فان هيئات المحامين في المغرب والمنظمات الحقوقية والسياسية والمجتمع المدني تسعى جميعها الى وضع تشريع يتلاءم مع المواثيق والإعلانات الدولية الخاصة بحقوق الانسان ومنها على الخصوص تعديل وتطوير قانون المسطرة الجنائية من أجل توفيرأفضل الضمانات لمحاكمة عادلة وتحقيق الأمن القضائي للمواطنين وتحقيق جودة الأحكام أو على الأقل التقليل من الأحكام الرديئة والمجحفة الضارة بحقوق وحريات المواطنين واحترام مبدأ البراءة هي الأصل ومبدأ المحاكمة العادلة التي من خلالها يشعر المواطن بأنه يعيش في دولة الحق والقانون التي يسودها الأمن والأمان والاطمئنان على حياة المواطن وماله وأسرته ، و رغم التعديلات التي أدخلت على قانون المسطرة الجنائية منذ سنة 2011 بهدف الملاءمة مع الدستور ومع المواثيق والإعلانات الدولية فلم تصل بعد الى المستوى المطلوب . ان مبدأ حقوق الانسان هو ذلك المبدأ السامي المقدس المتأصل في طبيعتنا البشرية بحيث ينبغي أن يعيش كل فرد في المجتمع في اطار حماية الكرامة المتأصلة في بني البشر و في ذلك تحقيقا للعدالة والحرية والسلم.
ان مراجعة قانون المسطرة الجنائية يجب أن يواكب التطورات الاجتماعية مع مراعاة انسجامه مع خصوصية المجتمع المغربي و مع المبادئ العامة المرتبطة بالعقاب المنصوص عليها في القانون الجنائي وذلك من أجل الوصول الى حلول لمعالجة الجريمة التي لا ترقى الى درجة الخطورة الضارة بالمجتمع عن طريق فرض عقوبات بديلة عن السجن ومنها عقوبة تشغيل المحكوم عليهم في المرافق العمومية من أجل ادماجهم في المجتمع والحد من حالة الاكتظاظ داخل السجون التي لا تتحمل الأعداد الهائلة من السجناء الذين لا يستفيدون من وجودهم داخل السجن بل على العكس تزداد خطورتهم بسبب ظروفهم القاسية.
ان المطالب التي تقدمت بها الهيئات والمنظمات المعنية بحقوق الانسان من أجل مراجعة قانون المسطرة الجنائية استهدفت مواد عديدة شملت ادخال تعديلات مهمة تمحورت في مجملها حول مجموعة من التوجهات الأساسية منها ضمانات المحاكمة العادلة على ضوء المرجعيات الكبرى المتعلقة بحقوق الانسان وكذلك في سياق تنزيل التوصيات التي انتهى اليها الحوار الوطني حول اصلاح منظومة العدالة و تعزيز الثقة في محاضر الضابطة القضائية و توفير بدائل للاعتقال الاحتياطي و تعزيز حماية الحريات والحقوق عن طريق القضاء وتوطيد استقلال السلطة القضائية ونزاهتها وتأمين الأمن القضائي للمواطنين.
ان أهمية مشروع تعديل قانون المسطرة الجنائية يظهر من خلال ارتباط هذا القانون بمبادئ حقوق الانسان لأن المسطرة الجنائية هي التي تتحكم في سير كل قضية جنائية وهي المقود الذي يوجه كل قضية تخص متابعة ومحاكمة الأفراد ابتداء من إجراءات البحث التمهيدي كمرحلة أولى و كذلك مرحلة التحقيق والوضع تحت الحراسة النظرية أوالاعتقال الاحتياطي كما أن المسطرة الجنائية هي التي تحدد وسائل الاثبات في الجرائم مثل حضور المتهم أمام المحكمة واستنطاقه (المادة 308 وما بعدها من قانون المسطرة الجنائية) والاستماع الى الشهود وتغريمهم في حالة امتناعهم عن الحضورالى جلسة الحكم (المادة 325 وما بعدها من ق م ج) واثبات الجرائم وعرض الحجج المثبتة للجريمة أمام المحكمة (المادة 287 ق م ج) وإقامة الدعوى العمومية والدعوى المدنية والتقادم (المادة 2 وما بعدها من ق م ج).
و في هذا الموضوع سأتناول باختصار بعض مقتضيات فصول المسطرة الجنائية التي تتطلب مراجعة حتى تكون منسجمة مع الاعلانات والمواثيق الدولية لحقوق الانسان بالمقارنة مع بعض الفصول المشابهة في قانون المسطرة الجنائية الفرنسي .
أولا : مسطرة الامتيازالقضائي أوالحصانة القضائية (المواد من 264 الى 268 من ق م ج )
L’immunité judiciaire
تنص المادة 265 من ق م ج على أنه اذا كان الفعل منسوبا الى مستشار لجلالة الملك أو عضو من أعضاء الحكومة أو قاض بمحكمة النقض أو بالمجلس الأعلى للحسابات أو عضو في المجلس الدستوري أوالى والي أو عامل أو رئيس أول بمحكمة الاستئناف … فان الغرفة الجنائية بمحكمة النقض هي المختصة بإجراء التحقيق.
هذه الامتيازات الخاصة الممنوحة لهذه الفئة الواسعة من كبار الموظفين في الدولة المنصوص عليها في المواد المشار ليها تتعارض مع مبدأ المساواة القانونية التي أكد عليها الفصل 6 من الدستور الذي جاء فيه ما يلي : “القانون هو أسمى تعبير عن ارة الأمة و الجميع ، أشخاصا ذاتيين أواعتباريين بما فيهم السلطات العمومية متساوون أمامه وملزمون بالامتثال له “
هذه الامتيازات القضائية الخاصة لا تخضع لنفس الإجراءات التي يخضع لها باقي المواطنين العاديين عند ارتكابهم لأفعال تعد جرائم يعاقب عليها القانون الجنائي اذ أنه لا يمكن اجراء تحقيق مع هذه الفئة الا بناء على ملتمسات الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض.
ومقارنة مع قانون المسطرة الجنائية الفرنسي فانه لا وجود لأي امتياز قضائي خاص بفئة الموظفين الكبار باستثناء رئيس الجمهورية الذي يتمتع بامتياز قضائي طبقا للفصلين 67 و 78 من الدستور وهذا الامتياز معمول به منذ 1791 الا أنه يمكن رفع هذه الحصانة عن الرئيس من طرف المحكمة الجنائية الدولية في حالة واحدة و هي عند ارتكابه جرائم ضد الإنسانية أو إبادة جماعية أو جرائم حرب وكذلك امكانية عزله من منصبه من طرف البرلمان و تنتهي هذه الحصانة القضائية بعد شهر من انتهاء ولاية الرئيس.
ثانيا : الاستماع الى الشهود ( المادة 325 ق م ج )
Auditions de témoins
تنص المادة 325 من ق م ج على أنه ” لا يمكن استدعاء أعضاء الحكومة بصفة شهود الا بإذن من المجلس الوزاري على اثر تقرير يقدمه وزير العدل “
يعتبر هذا الاستثناء الذي هو من قبيل الحصانة التي يمكن أن يعرقل الوصول الى الحقيقة و تحقيق العدالة منافيا لمقتضيات الدستور الذي ينص على مبدأ المساواة لكون هذه الفئة من المواطنين لا تخضع لأوامر القضاء كباقي المواطنين ولا وجود لهذه الإجراءات الاستثنائية في قانون المسطرة الجنائية الفرنسي الذي ينص في مادته 101 على أنه :” اذا استدعي شخص للحضور أمام المحكمة للإدلاء بشهادته وامتنع عن الحضور بعد اعذاره فانه يتم احضاره عن طريق استعمال القوة العمومية .
Lorsqu’il est cité ou convoqué, le témoin est avisé que s’il ne comparait pas ou s’il refuse de comparaitre il pourra y être contraint par la force publique » (article 101 du code de procédure pénale ).
وبمراجعة قانون المسطرة الجنائية الفرنسي فانه لا ينص على استثناء أي شخص من المثول أمام المحكمة متهما كان أو شاهدا كيفما كان مركزه الاجتماعي و يحدد الفصل 438 من نفس القانون الغرامة في 3750 يورو في حالة امتناع الشاهد عن الحضور الى المحكمة للإدلاء بشهادته وهذه الصرامة في الامتثال الى أوامر المحكمة تحفظ للقضاء هبته و قدسيته.
L’article78 du code de procédure pénale français dispose que « les personnes convoquées par un officier de police judiciaire pour les nécessités de l’enquête sont tenues de comparaitre par la force publique, avec l’autorisation préalable du procureur de la république les personnes qui n’ont pas répondues à une convocation à comparaitre ou dont on peut craindre qu’elles ne répondent pas à une telle convocation.
L’article 438 c p p dispose que le témoin qui ne comparait pas ou qui refuse , soit de prêter serment , soit de faire sa déposition ,peut être , sur réquisition du ministère public ,condamné par le tribunal à une amande de 3750 Euros .
ثالثا : تحديد مدة انجاز محضرالضابطة القضائية
من الملاحظ أن شكايات كثيرة يتم اهمالها من طرف الضابطة القضائية رغم أنها موجهة بتعليمات من النيابة العامة و رغم أنها محررة من طرف المحامي ولا تنجز في وقت محدد بسبب عدم وجود نص في قانون المسطرة الجنائية يلزم الضابطة القضائية بإنجاز المحاضر والاستماع الى أطراف الشكاية في وقت محدد ولهذا فان كميات كبيرة من الشكايات التي تحال على الشرطة القضائية من جراء ارتكاب الجرائم تبقى مجمدة بخلاف قانون المسطرة الجنائية الفرنسي فان المادة 75-1 تلزم الضابطة القضائية بإنجاز المحاضر في مدة يحددها وكيل الجمهورية.
Lorsqu’il donne instruction aux officiers de police judiciaire de procéder à une enquête préliminaire, le procureur de la république fixe un délai dans lequel cette enquête doit être effectuée (article 75-1 du code de procédure pénale français ).
كما أن قانون المسطرة الجنائية الفرنسي ، فيما يخص، وضع الشكايات فان المادة 15-3 تنص على ضرورة تسليم وصل عن الشكاية فورا، هذا فضلا عن تسليم نسخة من محضر الضابطة القضائية الى جميع الأطراف لتهيئ الدفاع، فهذه المقتضيات غير منصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية المغربي اذ لا تسلم نسخة من محاضر الضابطة القضائية للمحامي الا بعد الإحالة على المحكمة الأمر الذي يفوت على الدفاع فرصة الاطلاع واعداد المرافعة الذي هو حق جوهري.
L’article 15-3 du code de procédure pénale français dispose « tout dépôt de plainte fait l’objet d’un procès-verbal et donne lieu à la délivrance immédiate d’un récépissé à la victime s’il en fait la demande une copie du procès lui est immédiatement remise »
رابعا : الحراسة النظرية و حق الاتصال بالمحامي ( المادة 66 الفقرة 5 من قانون المسطرة الجنائية )
Lagarde é vue et le droit de s’entretenir avec un avocat
طبقا للمادة 66 من قانون المسطرة الجنائية المغربي فان الشخص الذي يوجد تحت الحراسة النظرية لا يحق له الاتصال بمحام الا بعد انتهاء نصف المدة الأصلية للحراسة النظرية ويمكن لممثل النيابة العامة كلما تعلق الأمر بوقائع تكون جناية واقتضت ضرورة البحث ذلك أن يؤخر بصفة استثنائية اتصال المحامي بموكله بناء على طلب من ضابط الشرطة القضائية واذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية فان الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية لا يمكنه الاتصال بمحام الا بعد تمديدها ولا يحق للمحامي الاتصال بموكله الا بترخيص من النيابة العامة ولمدة لا تتجاوز 30 دقيقة تحت مراقبة ضابط الشرطة القضائية وهذا يعني حرمان الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية من حقه في الدفاع الا بعد ان تنتزع منه اعترافات في غياب المحامي ، فهذه القيود المفروضة على حرية الدفاع تتعارض مع مبدأ الحق في توكيل محام واتاحة التسهيلات للدفاع وهي تشكل خرقا للمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على ما يلي :” جميع الأشخاص متساوين أمام القضاء ولكل فرد الحق عند النظر في أية تهمة جنائية ضده أو في حقوقه والتزاماته في احدى القضايا القانونية في محاكمة عادلة وعلنية بواسطة محكمة مختصة ومستقلة وحيادية ،الحصول على الوقت والتسهيلات الكافية لإعداد دفاعه والاتصال بمن يختاره من المحامين “
و من الملاحظ أن عدم الترخيص للمحامي بالاتصال بموكله منذ بداية الحراسة النظرية وتمديدها يعتبر خرقا للمواثيق الدولية، خلافا لقانون المسطرة الجنائية الفرنسي الذي ينص صراحة على ضرورة حضور المحامي والاتصال بموكله بكل حرية منذ الساعة الأولى للحراسة النظرية مع ابداء ملاحظاته والادلاء بالوثائق الضرورية كما يحق للمتهم الاتصال بأقاربه عن طريق الهاتف لكن هذه الإمكانيات غير منصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية المغربي الأمر الذي يعرقل حق الدفاع وحق المتهم في تنصيب محام لمؤازرته.
Article 63-4 du code de procédure pénale français dispose que ( Dès le début de la garde à vue ,la personne peut demander à s’entretenir avec son avocat , s’il n’est pas en mesure d’en désigner un ou si l’avocat choisi ne peut être contacté, elle peut demander qu’il lui en soit commis un d’office par le bâtonnier , le bâtonnier est informé de cette demande par tous les moyens et sans délai , l’avocat désigné peut communiquer avec la personne gardée à vue dans les conditions qui garantissent la confidentialité de l’entretien , l’avocat présente , le cas échéant des observations écrites qui sont jointes à la procédure ,lorsque la garde à vue fait l’objet d’une prolongation ,la personne peut également demander à s’entretenir avec un avocat dés le début de la prolongation , dans les conditions et selon les modalités prévues aux alinéas précédents.
هذه المقتضيات غير منصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية المغربي.
خامسا : الحق في التزام الصمت (المادة 66 الفقرة 2)
Le droit au silence
تنص المادة 66 من ق م ج في فقرتها 2على أنه : “يتعين على ضابط الشرطة القضائية اخبار كل شخص تم القبض عليه أو وضع تحت الحراسة النظرية فورا و بكيفية يفهمها بدواعي اعتقاله و بحقوقه و من بينها حقه في التزام الصمت “
رغم وجود هذا النص الصريح فان الضابطة القضائية في كثير من الحالات لا تحترم مقتضياته وأن العقلية والأساليب القديمة لا زالت مستمرة المقرونة بالتخويف والضغط المادي والمعنوي لكن في فرنسا و قبل تشريع 15 يونيو 2000 المتعلق بمبدأ ” التزام الصمت”(المادة 63-1) كان المشتبه فيه يتوفر على الكفاءة فلا يرد على أسئلة الضابطة القضائية التي قد توقعه في المصيدة وأن حق التزام الصمت قد يكون في مصلحة الشخص البريء المعتقل بالخطأ فيختار الصمت وعدم الإجابة على أسئلة الضابطة القضائية حتى لا يورط نفسه في تصريحات ليست في مصلحته.
L’aveu comme la preuve, la meilleure la plus claire et la moins couteuse de toutes , il est aujourd’hui encore considéré par certains comme la reine des preuves en matière pénale.
للمزيد من المعلومات الاطلاع على الرسالة القيمة في الماستر التي تقدمت بها الطالبة ” ألسا مانصو” بجامعة بانتيو باريز- المرجع :
Quel droit au silence en procédure pénale ?
L’étudiante Elsa Monceaux sous la direction du professeur Didier Rebut (master de droit pénal et sciences pénales dirigé par le professeur Yves Mayaud 2011 ) université Panthéon Paris France.
و يختلف الصمت في قانون المسطرة الجنائية عن الصمت في القانون المدني.
ينص الفصل 406 من قانون الالتزامات والعقود المغربي على ما يلي:
” يمكن أن ينتج الإقرار القضائي عن سكوت الخصم عندما يدعوه القاضي صراحة الى الإجابة عن الدعوى الموجهة اليه فيلوذ بالصمت ولا يطلب أجلا للإجابة عنها “
أما الصمت في قانون المسطرة الجنائية فانه لا يترتب عنه أي عقوبة أو تبعات قانونية تفسر لمصلحة الخصم.
سادسا : استنطاق الأشخاص الصم البكم
L’atteinte de surdité
بالرجوع الى قانون المسطرة الجنائية فانه لا وجود نص صريح يعالج علاقة الصم البكم بالجريمة رغم أن بواعث جرائم الأشخاص الصم البكم تختلف عن دوافع الأشخاص العاديين وهكذا تعاني هذه الفئة من المجتمع من عدة صعوبات. في حين أن قانون المسطرة الجنائية الفرنسي ينص في الفصل 63-1 على حماية الاشخاص الصم البكم الذين لا يعرفون القراءة والكتابة بالاستعانة بترجمان يتقن لغة الإشارة .
« Si cette personne est atteinte et qu’elle ne sait ni lire ni écrire, elle doit être assister par un interprète en langue des signes »
سابعا : تفتيش مكتب المحامي و منزله
Réquisition dans le cabinet ou le domicile d’un avocat
تنص المادة 56-1 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي على معارضة حجز أي وثيقة من داخل مكتب المحامي أو منزله ولا تتم هذه العملية الا بحضور نقيب هيئة المحامين.
Le bâtonnier ou son délégué peut s’opposer à la saisie d’un document à laquelle le magistrat a l’intention de procéder , les perquisitions dans le cabinet d’un avocat ou à son domicile ne peut être effectuée qu’en présence du bâtonnier “article 56-1 du code de procédure pénale français”.
ثامنا : التقادم
La prescription
يعتبر التقادم المنصوص عليه في قانون المسطرة الجنائية من العراقيل التي تحول دون متابعة المجرم من طرف النيابة العامة وهو واقعة مادية تنشأ بمرور وقت حدده القانون ابتداء من يوم اقتراف الجريمة دون مباشرة أي اجراء ضد مرتكبها بقصد اقتضاء حق الدولة في العقاب فيصبح الفعل الاجرامي و كأن المشرع نزع عنه صفته الاجرامية فأصبح لا عقاب عليه، وهدف المشرع من التقادم هو انهاء النزاعات حتى لا تبقى العداوة بين الناس قائمة الى الأبد ، فاذا كانت التشريعات الجنائية في كثير من الدول تنص على التقادم ويعني هذا عدم متابعة الجاني لتقادم الفعل الاجرامي فقد ترك القانون للمشتكي المتضرر من الجريمة فرصة إقامة الدعوى العمومية في حالة “انقطاع أمد التقادم “
« L’interruption de la prescription »
وهذا ما نص عليه المشرع المغربي في المادة 6 من قانون المسطرة الجنائية الذي جاء فيه ما يلي : ” ينقطع أمد تقادم الدعوى العمومية بكل اجراء من إجراءات المتابعة أو التحقيق أو المحاكمة تقوم به السلطة القضائية أو تأمر به وبكل اجراء يعتبره القانون قاطعا للتقادم”
كما تنص المادة 6 من قانون المسطرة الجنائية في فقرتها 7 على” توقف مدة تقادم الدعوى العمومية فيما اذا كانت استحالة اقامتها ترجع الى القانون نفسه ويبدأ التقادم من جديد ابتداء من اليوم الذي ترفع فيه الاستحالة لمدة تساوي ما تبقى من أمده في وقت توقفه ” كما لوكان المشتكي يقيم في دولة أجنبية وكان لا يعلم بارتكاب الجريمة واستحال عليه إقامة الدعوى العمومية، كما يسري أمد جديد للتقادم ابتداء من تاريخ اكتشاف الجريمة كما لو كانت الوثيقة المزورة موضوع الشكاية محررة بلغة أجنبية لا يفهمها المشتكي في هذه الحالة يبدأ أمد التقادم من تاريخ ترجمة الوثيقة المزورة الى اللغة العربية المنصوص عليها في الفصل 5 من الدستور.
والتقادم في المادة الجنائية تثيره المحكمة من تلقاء نفسها لأنه يتعلق بالنظام العام.
La prescription est d’ordre public .Elle est soulevée d’office par le juge même si les parties ne l’invoquent pas.
بخلاف التقادم في القانون المدني الذي يجب اثارته من الطرف الذي له مصلحة كما تنص على ذلك المادة 372 من قانون الالتزامات والعقود المغربي المنسوخة من قانون الالتزامات والعقود الفرنسي:
La prescription n’éteint pas l’action de plein droit elle doit être invoquée par celui qui a intérêt, le juge ne peut supplier d’office le moyen résultant de la prescription.
ان الإشكالية الموجودة في المادة 6 من قانون المسطرة الجنائية هي أن عنصر العلم بالجريمة لا يشار اليه وهذا النقص قد يؤدي الى عدم متابعة الجاني والحكم بالتقادم وإسقاط الدعوى العمومية ما يساعد المجرم على الإفلات من العقاب.
بالرجوع الى قانون المسطرة الجنائية الفرنسي فانه يحتوي على اجتهادات قضائية كثيرة الى جانب كل مادة من هذه المسطرة وفيما يتعلق بتقادم الدعوى العمومية أصدرت محكمة النقض الفرنسية اجتهادات وتوجيهات عديدة لا تختلف عن التوجهات القضائية في المغرب :
La prescription de l’action publique constitue une exception d’ordre public qui doit être relevée d’office par le juge et il appartient au ministère public d’établir que l’action publique n’est pas atteinte par la rescription ( cass. Crim.20 mai 1980 bull.156.cass.crim.14 février 1995 bull 66)
هذه ملاحظات مختصرة يمكن اعتبارها مقدمة متواضعة لمناقشة موضوع تعديل قانون المسطرة الجنائية حتى يكون منسجما مع المواثيق والاعلانات الدولية التي صادق عليها المغرب.