سعيد سونا *
قال ابن خلدون ” إذا دخل الفقيه إلى السياسة أفسدها وأفسدته ” وبما أن المناسبة شرط ، دعونا من باب تداعي النظائر ، نستخدم هاته الآلية التي تفكك فقه النوازل فنقول : ” إذا دخل السياسي إلى الرياضة أفسدها وأفسدته ” …ربما ليس دائما …خصوصا إذا تعلق الأمر بحالات بشرية لم تعدم رصيدها من الإبداع ومن النزاهة …وخصوصا هاته الأخيرة ، لأنه كما تقول العرب ” إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة ” ، لأن الحق لايتجزأ هو كالشمس في كبد النهار ، فالصادق يصل وإن تعثر …
ونحن نبحث عن المدخل العلمي المبني على أرض صلبة ، لمناقشة رجل شغل الناس ، يجب أن نتحلى بالقدر الكافي من المسؤولية والمصداقية وحسن الطوية … حتى نمنح للشخص حقه فيما فعل ، وننتقده بخلفية الناصح المتجرد من الميولات النزاواتية،،،فالأخ فوزي لقجع لم يستمرء في الفساد ، حتى تقودنا شعبويتنا إلى ظلمه وظلم نبل رسالتنا هاته ، هي مجرد ملاحظات تقتني من الماضي سلعته التي لاتفنى، وتناقش الحاضر بحذر شديد ، وتستشرف المستقبل عبر التسلح بالنوايا الحسنة .
لايمكن للعاقلين أن يسمحوا بتسلل أصوات النكوص البدائية ، بينهم ، فيعلو صوت ، من ينكر ثبوت هلال التميز من شرق المملكة ، في شخص الأخ فوزي لقجع ، كما أننا لن نرمي عليه الورود حتى لاتغتصبه مقولة سيدنا علي كرم الله وجهه ” المغفل يصطاد بالمدح ” .
لقد كان السيد فوزي لقجع ، طيلة توليه رئاسة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ، في بيت النار ، خصوصا في العشرين يوم الماضية ، حيث تفجرت في وجهه جميع الطابوهات ، التي تتطلب قدرا كبيرا من الحكمة ، لتجاوزها، وحتى لانمرق من ضرورة الاحتكام إلى السياق ، لابد أن نركع أمام حقائق ، لايقفز عليها إلا جاهل أخذته العزة بجهله، أو بجاحد انتصر للكليشيهات على حساب قناعاته .
ولذلك نقول أن فوزي لقجع ، عانى من الأول ، من حاجز طغيان المركز ، وإقبار الهامش ، فلم يتقبل النافذون في تدبير الفضاءات العمومية ، أن يجعلهم القدر ، أمام رجل ينتمي إلى المغرب العميق ، وإلى جهة نالت مانالت من الإقصاء ، فما بالك إذا كان من مدينة صغيرة الحجم، كبيرة بأبنائها وتاريخها كبركان.
لم يتقبلوه في البداية مديرا لميزانية المغرب ، وزاد استغرابهم عندما أصبح الرجل رئيسا للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ، نظرا للوضع الاعتباري للمؤسسة في الحياة العامة للمغاربة ، ومازاد من أسئلتهم المغلفة، بهاجس فشل الرجل لامحالة ، قيادتهم له كما تقاد الجلحاء إلى القرناء …فما أحلم الله بالظالمين … لكن الرجل أكد مقولة ماركس الخالدة ” إنما يأتي الإبداع من الهامش ” فقد أبان الرجل عن كاريزما طاغية …وإحساس محترم بالمسؤولية …وانطلق بجملة من المرادفات لمفهوم النجاح ، حكمة ، رزانة، لسان مفوه، عقل استراتيجي ، إبداع ، طموح غير محدود …فحقق ماعجز عنه الأولون ، حيث ارتفع منسوب الاحتراف في الكرة المغربية ، من ناحية التجهيزات واللوجستيك، والموارد البشرية ، وبمنظومة قوية ، وبحكامة طرحت على الفاعلين رباعياتها المقدسة :
– اعمال القانون
– تثمين الموارد البشرية
– الشفافية
– ربط المسؤولية بالمحاسبة
فلم يخفى على الجميع أن الرجل تمكن في لحظة فارقة من تكثيف أمال الإصلاح ، عبر الطفرة النوعية في تقوية جل الملاعب المغربية ، وبأفق يسعى لتعميم النفع على المركز كما على مدن المغرب العميق ، وتحسنت الوضعية القانونية والمادية للاعب والاطار المغربي، كما لم يغفل عن البعد الإستراتيجي في كرة القدم ، بتمثين الجبهة الداخلية للكرة المغربية ، عبر تمنيع الذات المغربية بالاشتغال على التكوين الذي يقترب إلى النفس الطويل ، ويستعيذ بالله من هشاشة الصبر .
فكانت النتيجة بلجاء، واضحة ، حيث تحسنت نتائج المنتخبات المغربية ، والأندية المغربية ، لكن يبقى الإنجاز الذي أصفق له وانا اكتب ، الإختراق الخرافي لفوزي القجع، لحصن الكاف ، وتهشيم أضلع كل الأصنام التي تجبرت على الأفارقة وعلى حلم المغاربة بفارس يحمي لهم حقوقهم وينافح عنها ، فحدث ذلك من خلال نيابته لرئيس الكاف، بل الأكثر من ذلك أصبحت شخصية فوزي لقجع المسكونة بالرأس المال الطموح، وبالغريزة الاقتصادية التي تستكين، الرجل الأول في الكرة الإفريقية، نظرا لضعف حيلة أحمد مدغشقر … وهاته ليست مشكلة لقجع الذي تعامل مع هذا المعطى بمقولة … ماذنب الرياح اذا كان صديقك من ورق ؟؟؟
فوزي لقجع الإطار الذي يمكن أن يخدم بلاده من عدة مضلات، منها وزارة الإقتصاد والمالية ، أو وزارة الشباب والرياضة ، اختار أن يتفرغ لخدمة الكرة المغربية ، باعتبارها رافد من روافد التنمية ، وسلاح فتاك في معارك الدبلوماسية …
إلى هنا يبدو كل شيء جيد ، لكن بإمكان كل هذا الرصيد المحترم لرجل محترم أن يتهاوى ، في لحظة واحدة ، إذا تشبث لقجع بشيئين ، رئاسته لفريق نهضة بركان ، وعضويته في حزب التجمع الوطني للأحرار …كيف ذلك … إن من إيجابيات ماوقع في لقاء المولودية الوجدية ونهضة بركان ، وما تلاها من أحداث شغب استنكرتها الأنفاس العاقلة في المدينتين، وما حدث في مقابلة نهضة بركان والرجاء ، أنه جعل الرجل بحكمته وجنوحه نحوى المصلحة العليا، يقف على يقينيات جعلته يطلق بعض المؤشرات التي يعنونها الندم المؤسس لقناعات ستتبلور في المستقبل .
انحنى الرجل للعاصفة ، وتم توقيف حكم مقابلة الرجاء وبركان لسنة نافذة من طرف الكاف ، وتبعه إزالة الويكلو لجميع الفرق المغربية ، ومن بينها المولودية الوجدية ، مما نفس من احتقان الشارع المغربي ، بدهاء قل نظيره ، لرجل لن نسمح بأن يضيع من بين أيدينا…
من حق لقجع أن يخدم مسقط رأسه ، ومن حق قبائل بني زناسن أن تستفيد من ابنها البار … لكننا دعونا نقول في هذا المقام … أن مدينة بركان ليست عاقرة ونجاح فريقها لن يتوقف على لقجع … لأن الكرة المغربية تضررت برئاسته للفريق ، فالرجل ضحى أكثر مما استفاد من فترة رئاسته للفريق ، فبعدما وضعه في السكة الصحيحة كفريق مهيكل وتنافسي وقوي، سيبقى الفريق كذلك ، لكن أطلقوا سراح الرجل حتى يكون رئيسا لكل الأندية المغربية ، وبأبا روحيا لجميع الجماهير المغربية ، وبذلك سيفلت الرجل من التعقب والترصد ، وسيفوت الفرصة فيمن يمعنون في إرادة الإغتيال الرمزي لابن المنطقة الشرقية …
وحتى نعضض من أطروحتنا نضع القارئ في الصورة عبر ما يلي :
– بقاء الرجل على رأس فريق نهضة بركان يشوش على صورته كرئيس للجامعة وكقيادي في الكاف كيف ذلك :
– كل نتائج نهضة بركان المحلية والقارية ستكون مشبوهة خصوصا في الحالات التحكيمية ولو كانت غير مقصودة
– تودد الحكام المغاربة والآفارقة لخطب ود لقجع عبر محاباة نهضة بركان ، وقد تجلى ذلك جليا في مقابلة الرجاء ونهضة بركان في كأس الكاف .
– تهافت المستشهرين على فريق نهضة بركان للتقرب من رئيس الجامعة ، ومدير الميزانية بوزارة المالية ، بشكل يضر التنافس الشريف في هذا الجانب .
ولهذا لاحظ الجميع الموقف المحرج الذي وقعت فيه مصلحة كرة القدم المغربية ، عندما تصادم فريقين مغربيين في منافسة قارية ، فعلى التو استقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية محمد الصويري من الجامعة احتجاجا على لقجع ، وانقلب الشارع المغربي على الرجل مما أفرز ذلك التساؤل المخيف الذي كنا نخشاه جميعا ، حيث أن كل المتربصين بالمصلحة العليا لكرة القدم المغربية على الصعيد الأفريقي ، وكل النوايا السيئة التي تسارع الزمن للإطاحة بالرجل خلصت إلى مايلي :
– كل ألسنة الأفارقة توحدت وقالت بصوت عالي ومزعج : اذا كان المغاربة لايثقون في الرجل كيف نثق فيه نحن .
والنتيجة واحدة : سنخسر مصلحة الكرة المغربية على الصعيد الإفريقي في حالة اتساخ مصداقية فوزي لقجع ، مع إمكانية الإطاحة به وهذا ما سيجعلنا نخسر رياضيا وسياسيا على الواجهة السمراء ، فالمغرب مطالب بالتواجد في كل مطابخ القرار الأفريقية .
ودعونا نتسائل من السبب في تفجير كل هاته الموبقات : نجيب وبدون تردد رئاسة السيد فوزي لقجع لفريق النهضة البركانية المحترم .
سيدي المحترم العقلانية تخيرك بين استمرارك في رئاسة نهضة بركان أو خدمة الكرة المغربية .
ثم أنك مطالب بالانسحاب من حزب التجمع الوطني للأحرار ، فحزبك هو الوطن، فإذا اقترنت إسمك ببركان والأحرار ضاع مجدنا ومجدك.
وفي ابانه وحتى في حالة عدم توفيقك وطنيا وأفريقيا يبقى حسبك هاته المقولة التي تهزم اللذات للمجاهد الحكيم سيدي محند ابن عبد الكريم الخطابي ” ليس هناك نجاح أو فشل، انتصار او هزيمة، بل شيء اسمه الواجب , وأنت قمت به قدر استطاعتك ”
* باحث في الفكر المعاصر
لهذا سيستقيل لقجع من نهضة بركان
رابط مختصر
اترك تعليق
اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
وجديمنذ 6 سنوات
تحليل منطقي يلخص ما يعيشه السيد لقجع. فلا يختلف إثنان أن هذا الأخير من احسن الرؤساء الذين مروا على جامعة كرة القدم في تاريخ المغرب. لكن صراحة وكما قلت بنفسك، عليه أن يستقيل من رئاسة النادي البركاني لكي تتم مهمته على أحسن وجه وبدون تشويش.