مبدأ تكافؤ الفرص في مهنة المحاماة..

admin
2020-03-18T15:28:31+01:00
كتاب واراء
admin18 مارس 2020آخر تحديث : منذ 5 سنوات
مبدأ تكافؤ الفرص في مهنة المحاماة..

ذ.الحسوني قدور بن موسى

يعتبر مبدأ تكافؤ الفرص في الوظائف العامة وفي المهن الخاصة مثل الطب والمحاماة من أكثر المبادئ أهمية لكونه يعد الضمانة الأولى لتمتع جميع المواطنين والمواطنات بحقهم في الحصول على الوظائف العامة و الحرة على قدم المساواة وفقا لمقاييس الجدارة و الكفاءة والمعرفة و المستوى الثقافي ،هذا فضلا عن أن جميع المواطنين سواسية أمام القانون لا فرق بين ابن فقير وابن غني، كما يجب أن يكون هناك توازن فعلي  بين الحق في تولي الوظائف العامة و الخاصة بعيدا عن التمييز بين الجنس أو اللون أو العرق أو النسب أو الحسب أو الجاه أو المال و كل هذا من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية و هو معيار تقدم أي مجتمع في جميع مجالات الحياة لأنه يقلل الفجوة النوعية بين أبناء الوطن الواحد في كافة المجالات، و يهدف مبدأ تكافؤ الفرص الى بناء قدرات المواطنين في المجتمع و توعيتهم في الميادين السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ، لقد لاحظ ” أليكسي ذو توكفيل ” أن تساوي الشروط أو الأحوال هو مفتاح كل شيء ، فمبدأ تكافؤ الفرص هو القاسم المشترك بين هذه المجتمعات التي تغذي السير نحو الديمقراطية و المساواة هي السمة الاساسية للعدالة الاجتماعية.

 وعند اهمال هذا المبدأ تتسع الهوة  بين فئات المجتمع و يحدث الصراع بينها لغياب المساواة  و هذا ما أوضحه “جون جاك روسو ” في كتابه” العقد الاجتماعي” بأن الحرية لا يمكن أن تتحقق بدون مساواة كما أن المساواة هي أساس مبدأ الشرعية ، و يعتبر مبدأ تكافؤ الفرص في الوظائف العامة و الخاصة  مظهرا من مظاهر المساواة بين الأفراد في الحقوق و الواجبات العامة ، لكن نقابات المحامين في المغرب قررت شروطا  قاسية لقبول التمرين في مهنة المحاماة و أخضعتها الى معايير مرتبطة  بالجانب المادي اذ فرضت على المرشحين لقضاء فترة التمرين  لمدة 3 سنوات، أداء مبالغ مالية خيالية تصل الى 150000 درهم أمام أنظارالحكومة والبرلمان دون مراعاة الوضعية الاجتماعية المزرية للطلبة المرشحين، فعلى أي أساس تم فرض هذه المبالغ ؟ هذا مع العلم أن معظم الراغبين في ممارسة مهنة المحاماة هم طلبة خريجي كلية الحقوق أغلبهم ينتمي الى عائلات فقيرة و متوسطة يستحيل عليها توفير مبلغ الاشتراك الهائل، و تعتبر هذه الشروط المالية عرقلة واضحة في وجه الطبقة الفقيرة من المجتمع و مخالفة صريحة للمادة 31 من الدستورالتي تؤكد بوضوح على المساواة في المناصب و حق ولوج الوظائف حسب الاستحقاق و ليس حسب التمييز بين الفقير والغني  ولا  حسب من يملك و من لا يملك شيئا ، و من الناحية الدستورية لا يجوز حرمان هذه الفئة الفقيرة  والمتوسطة من ولوج مهنة المحاماة بحجة تقليص عدد المحامين رغم أن القاعدة هي المساواة و تكافؤ الفرص و البقاء للأصلح، و من جهة أخرى أغلقت الدولة أبواب التوظيف في وجه الطلبة خريجي الجامعات في مغرب يعرف انتشارالفساد بجميع أشكاله و خاصة توظيف أشخاص لا يستحقون تلك المناصب عن طريق الوساطة و ما نشاهده كذلك من عمليات سرقة ثروات الشعب و تهريب الأموال الى الخارج من طرف المفسدين و يبقى الضحية هو أبناء الشعب الفقراء الذين أغلقت في وجوههم جميع الأبواب، فمنهم من اختار الهجرة الى الخارج و منهم من لا زال ينتظر مصيره المجهول.  

اذا تحقق مبدأ تكافؤ الفرص تحققت المساواة في عضوية المجتمع و الدولة السياسية أي في الانتماء الى الأمة فانه يقود بدوره الى المساواة السياسية أي الى التساوي في الحقوق و الحريات العامة و يفتح أفاقا رحبة لتقليص التفاوت الطبقي  و عدم الرفاهية و عدم السعادة ، و الترجمة العملية لهذه المساواة هي تساوي الشروط و الاحوال أو تكافؤ الفرص ثم لكل مجتهد نصيب، فلا يتساوى كسول و مجتهد ، و تزداد أهمية مبدأ تكافؤ الفرص في الدول الديمقراطية اذ تتأتى هذه الأهمية من كونها تمثل توجيهات قانونية عامة في هذه الدول التي  تضع على عاتقها التزامات تعاقدية بينها و بين المواطنين كما جاء ديباجة الدستور الفرنسي الذي يؤكد على  مبدأ المساواة في تولي الوظائف العامة و لكل مواطن الحق في الحصول على عمل و تقلد الوظائف العامة ، و تنص جميع دساتير الدول الاوروبية على مبدأ المساواة في الوظائف العامة على أساس الكفاءة و دون محاباة أو وساطة ، لكن في بلادنا فان القاعدة معكوسة حيث أصبحت الوظائف وراثية: ابن القاضي يصبح قاضيا وابن الوكيل يصبح وكيلا  و ابن المحامي يصبح محاميا وابن الباشا يصبح باشا و ابن الفلاح  يبقى فلاح  و ابن الفقير يبقى فقير…  هذا هو معنى المساواة و تكافؤ الفرص في بلادنا.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.