عبد اللطيف مجدوب
الوعي الصحي والحجر الصحي
هناك عدة متغيرات متحكمة في فشل أو نجاح الحجر الصحي، حتى ولو تم تمديده بأسبوعين أو ثلاثة. وقد أثبتت وقائع شبه يومية أن “المصروف اليومي” للطبقات ذات الدخل المحدود أو الضعيف يشكل أبرز التحديات التي تم رصدها في مواجهة الإجراءات الوقائية ضد فيروس كورونا. فكلما توغلنا داخل الأحياء الفقيرة والهامشية، كلما عظمت احتمالات وجود حالات لهذا الوباء الخبيث، لاضطرار ساكنتها إلى البحث عما يسد رمق جوعها؛ مهما كانت الصرامة والتشدد في مراقبة ومتابعة الخروقات، فالحاجة إلى لقمة العيش؛ أحيانا؛ تدوس كل الحواجز، لاسيما إن كان صاحبها لا تتوفر لديه أدنى أبجديات الوعي الصحي.
رفع الحجر الصحي وألف سؤال!
خصوصياتنا كمغاربة أننا جبلنا على التآلف والتزاور والتراحم. وقد نجد أن معظم تحركاتنا تذهب في اتجاهين رئيسين؛ تأمين العيش والتزاور العائلي والذي سيكون على رأس الأولويات دون تقدير المخاطر التي قد تنجم عنه أو التي ما زالت واردة وقوية الاحتمال، خصوصا إذا استحضرنا الحالات المصابة بالفيروس دون أن تبدو أو يستشعر أصحابها أعراضها، مما يحتم إرجاء الاختلاط والتزاور العائلي ثلاثة إلى أربعة أسابيع بُعيْد إنهاء الحجر الصحي. وبتوضيح أكثر بيانا؛ فإذا كان تاريخ 10 يونيو 2020 هو موعد انتهاء الحجر الصحي، فالتزاور العائلي والاختلاط المباشر يمكن أن يتأخر ثلاثة إلى أربعة أسابيع، ويصبح مأمونا من مخاطر احتمالات الإصابة بالفيروس بعد تاريخ 10 يوليوز 2020، وهي الفترة المناسبة لإعادة فتح المرافق الاجتماعية كالمقاهي والمطاعم والفنادق ووسائل النقل العمومي، مع التمسك بالتدابير الاحترازية؛ كارتداء الكمامات التي لا يمكن أن تكون مرهونة بزمان أو مكان.
السلطات الصحية وكسب رهان التحدي
إن رفع الحجر الصحي؛ وكما قد يتبادر إلى الأذهان؛ سيستتبعه رفع (كل) التدابير الاحتياطية والإجراءات الوقائية، بل ستستمر؛ ولو بشكل تدريجي؛ إلى درجة الإعفاء منها بالكامل، بناء على تقارير السلطات الصحية شبه اليومية لتتبع خارطة الحالات الفيروسية المستجدة؛ إن على المستويين الوطني أو الولائي.
قد يرحل عنا فيروس كوفيد 19 بغير رجعة، وترحل معه تدابير العزل الصحي، لكن هناك إجراءات دائمة رسخها الفيروس في أبناء البشر، ولا يمكن؛ تحت أي ظرفية؛ نسيانها أو التخلي عنها، كالنظافة الدائمة وتعقيم الأدوات المشكوك في سلامتها، فضلا عن ضرورة ارتداء الكمامات وسط التجمعات البشرية؛ كالأسواق ودور العبادة والميادين الرياضية.