عبد اللطيف مجدوب
فاجعة طنجة الفضيحة
في سياق الأخبار التي تداولها المغاربة عبر كل وسائل الإعلام، بما فيها وسائط التواصل الاجتماعي، بخصوص “فاجعة طنجة” التي أسفرت حتى الآن عن 28 قتيلاً جراء “مباغتة” أمطار جارفة لعمال تابعين لوحدة صناعية سرية بمرآب تحت أرضي بفيلا سكنية بحي الإناس بمنطقة المرس داخل المدار الحضري لمدينة طنجة، انكشفت للعالم أجمع عورات الحكومة، ودرجة اللامبالاة والإهمال في تعاملها مع قضايا المغاربة والأحداث الطارئة.
ومن خلال المؤشرات التي صاحبت الواقعة تبين بوضوح أن هناك مجموعة تساؤلات، هي من الغرابة بمكان؛ أولا “سرية الوحدة الصناعية” وتواجدها “بمرآب تحت أرضي” وانعدام وسائل الإغاثة، ولا حتى إجابة مكالمات هاتفية، ثم عدد الضحايا الذي يؤشر على “رصد فخ” شبيه بالأفلام الهوليودية؛ إذ كيف يمكن للعقل السليم أن يجزم ويقبل بتسرب مياه الأمطار إلى هذا المصنع دون وجود منافذ ولا كوات تمكن الغرقى من الاستنجاد بها؟! وكأن المرآب، في واقع الأمر، ما هو إلا “مطمورة” بعيدة الغور، كما أن ملابسات الحادث والألغاز التي اكتنفته ترجح حصول الكارثة ليلا؛ حيث كان العياء قد نال الشيء الكثير من قوى هؤلاء العمال الضحايا، فأثناهم عن المقاومة وتلمس سبل النجاة.
مجلس النواب مختص في قراءة الفاتحة
هذه المأساة، وبهذا الحجم الكبير في ضحاياها وملابساتها، تنضاف إلى سلسلة الكوارث التي تقع بين الفينة والأخرى، لا سيما في موسم الأمطار، كتردي الطرقات وانهيار الجسور والمعابر والدور… يتلقفها “مجلس النواب” في شكل تقارير شفاهية ثم لا يلبث أن يحولها إلى “قراءة الفاتحة” ترحما على ضحاياها، وكان الأجدر به، كمؤسسة تشريعية “يا حصراه” مختصة في مراقبة الحكومة وأدائها، ألا يقف عند مراسيم الترحم بل يأمر بإيفاد لجنة يعهد إليها بالتحقيق في ملابسات الحادث وضبط الأطراف الضالعة فيه.
ونظن أن المغاربة، وأمام مسلسل الأهوال التي باتت تقلق راحتهم، سوف لن يتوانوا عن المطالبة بقراءة الفاتحة على” أرواح” الحكومة التي تقضي في كل حادث من خلال انكشاف عوراتها وقصورها في الاستجابة لنداءات استغاثة المواطنين، بل عدولها التام عن الرد الهاتفي مهما كانت الظروف وأمام كل النوازل.
هاتف الحكومة مصاب بكورونا المستدامة
قد لا نغالي ولا يذهب بنا الشطط بعيداً إذا وصفنا “هاتف الحكومة”، في دوائرها ومؤسساتها ومرافقها الإدارية، دوما في عطلة أو عطالة، لا يمكن لمواطن عادي أن يلقى آذانا صاغية وهو يحاول الاتصال بإدارة أو مرفق عمومي. قد يجيبه “البحر” ولا تجيبه الإدارة، حتى ولو بقي لساعات يعاود الاتصال، فالحكومة وكأنها بهذا الجفاء استصدرت قانونا بتحريم الاتصال بها عبر الهاتف، فكم من مرفق إداري يولي أهمية قصوى “لهاتفه” استاندار، فيحشد من حوله كل السيناريوهات للتخلص من مناداة مواطن لها، إما بالتسويف والموسيقى الخافتة، حتى إخراصه أو بإسماعه رنين “مشغول” أو إحالته على “هاتف آخر” أخرص ولا يتحدث إلا بالتمتمة!!
حكومة هذه معوقاتها يجب أن تستقيل فورا، ولا يكفي أن يقدم فرد منها استقالته، كما ينبغي تفعيل بنود الدستور بحجب الثقة عنها، ورحم الله زمن البصري الذي كان يتصدى لعواصف الانتقادات التي كانت تنهال على وزير من الوزراء بإشهار فزاعة “حكومة صاحب الجلالة” التي لا يجب أن تطالها المراقبة والمساءلة أو النقد والعزل!