عبد اللطيف مجدوب
من المعلوم أن الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (كنوبس/CNOPS) يتلقى شهريا مبالغ مالية تفوق المليارات، كواجب انخراطات شرائح واسعة من موظفين ومتقاعدين من شتى القطاعات المهنية، وقد سعت جهات رسمية إلى عملية “إنقاذ” مالية الصندوق، “وعجزه” عن تعويض ملفات المرض برفع سقف الاقتطاعات من أجور المنخرطين، إلا أن الملاحظة المركزية؛ في صفوف جميع هؤلاء المنخرطين؛ وتيرة البت في ملفات المرض وتعويضها من طرف الصندوق، والتي توصف بتباطؤ وانتظار يطول أمده فيستغرق أحياناً سنة كاملة، والحال أن مبالغ هذه الملفات؛ وتبعا لتأشيرة الأطراف الرسمية (مصحات؛ أطباء؛ صيادلة..) لا تتجاوز في بعض الحالات مبلغ 700.00 درهم، يبقى على المنخرط/المستفيد انتظار بضعة أشهر ليتوصل بتعويض هزيل في حدود %30 أو أقل تبعا لمحتوى ملف المرض، أما إذا صادف أن أودع المنخرط لدى “التعاضدية” ملفين على فترة متباعدة بنحو الشهر مثلا، فيعمد الصندوق إلى ترتيب الملف الثاني في خانة “التسجيل والانتظار”، بما يعني أن عليه الانتظار أكثر من 12 شهرا، حتى يحل دوره في “المعالجة” ثم أخيرا “التعويض الهزيل”.
وفي هذا السياق تجب الإشارة إلى حالات تقادم ملفات المرض والانتظارية لدى التعاضدية، أخذت في السنوات الأخيرة تتفاحش بشكل مهول؛ أنفق عليها أصحابها الملايين (جراء الإقامة بالمصحات والتطبيب والأدوية..) ومازالت؛ بعد مضي أمد طويل؛ لم تعرف سبيلها إلى “المعالجة والتعويض”، ويصاب بعضهم بالصدمة وخيبة أمل كبرى حينما يفاجئهم الصندوق؛ بعد فترة من إيداع ملفاتهم؛ بـ”رفضها” لنقص ما في وثائقها المكونة، وهو أسلوب المماطلة والطعن الذي دأب عليه المستخدمون في مقرات التعاضديات، إلى درجة أحياناً يرفضون قبول الملف لعدم التنصيص؛ بإحدى وثائقه؛ على تاريخ زيارة الطبيب أو يبتدعون حيلة ما لعدم القبول به.
لعنة الصناديق الإدارية المغربية
منذ أمد ليس بالقصير، كان الموظفون لدينا؛ لا سيما المتقاعدين منهم؛ يعيشون على وقع تهديدات إفلاس صندوق التقاعد، ومن ثم أخذت التساؤلات تتناسل بشكل محموم حول الآفة/الأرضة التي تسللت إلى هذه الصناديق وعبثت بمحتوياتها.
وكانت الاجتماعات تعقد على أعلى المستويات للنظر في إنعاش هذه الصناديق (صندوق الضمان الاجتماعي؛ الصندوق الوطني للتقاعد… على سبيل المثال)، والحال أن مليارات السنتيمات اختفت، فبدلا من إجراء تحقيق مستفيض حول تدبير هذه الصناديق والوقوف على الاختلالات والأيادي غير المشروعة التي امتدت إليها خلسة، تذهب أطراف أخرى مباشرة إلى الموظفين والمنخرطين عامة، سعيا إلى إثقالهم بمزيد من الاقتطاعات، في محاولة لإنعاش مالية هذه الصناديق..
نأمل؛ في إطار الشفافية المالية؛ أن يضطلع المجلس الأعلى للحسابات بدوره في تفعيل كل الخيارات الزجرية الممكنة في حق كل من ثبت تورطه؛ من قريب أو بعيد؛ في إفلاس وتخريب هذه الصناديق والعبث بالمال العام.