الأستاذ عبد اللطيف مجدوب يكتب:حرب غزة وحساباتها القاتلة!

admin
كتاب واراء
admin7 نوفمبر 2023آخر تحديث : منذ سنة واحدة
الأستاذ عبد اللطيف مجدوب يكتب:حرب غزة وحساباتها القاتلة!

عبد اللطيف مجدوب

العقل البشري، اليوم؛ على الرغم من التراكمات المعرفية التي أصبح يمتلكها؛ فإن إقدامه على عمل أو بالأحرى عملية في مجالات الحروب أو استئصال شأفة تنظيم مسلح ما يصطدم بحسابات ميدانية وجيوسياسية معقدة، فقد يستحضر بعضهما، وقد تغيب عنه أخرى، ما يعرضه في نهاية المطاف وتنفيذ مخططاته؛ إلى نتائج أو بالأحرى إلى أخطاء ومزالق كارثية، مثلما وقع فيه روسيا من خلال إشعالها لفتيل حربها على أوكرانيا، فلم تكن بالمطلق تتوقع هذه الكوارث والقضايا الإنسانية التي جلبتها على المحيط الدولي، رغم ترسانتها العسكرية المتقدمة وخبرائها العسكريين. لا شك أن تقديراتهم بعيدة المدى خانتهم بشكل لم يكن ليقع لهم في الحسبان، ولم يكونوا يستحضرون تأليب العالم الغربي الحر ضدهم، ولا دار في خلدهم أن أمريكا وحلفاءها سيتصدون لمخططاتهم ونواياهم التوسعية.

حرب غزة وحساباتها القاتلة!

قيل بأن عملية “طوفان الأقصى” تم الإعداد لها بأشهر عديدة، وربما فاقتها إلى السنتين أو أكثر، وقد فاجأت؛ في تاكتيكاتها وأساليبها بعض مسؤولي حركة حماس أنفسهم، وقد بارك إشعال فتيلها كل الفصائل الفلسطينية دونما استثناء، لكنها وبعد أقل من أسبوع من دوي صواريخ القسام في سماء تل أبيب وعسقلان… ستجري رياحها بما لا تشتهيه حماس، ولم يكن تتوقعه بالمرة، حيث أمعنت الآلة العسكرية الجهنمية الإسرائيلية تقتيلا وتدميرا وتهجيرا في صفوف مدنيي ساكنة غزة، بل تحولت هذه الأخيرة بالكاد وفي غضون أسبوعين من القصف المتواصل؛ إلى قاع صفصف، وظهرت غزة للعيان في صورة إبادة جماعية، دون تمييز بين أخضرها ويابسها ولا بين نسائها وأطفالها وشيوخها وجرحاها.

وفي الساعات القليلة الماضية؛ وحرصا من دول الغرب على إخفاء أمارات العار التي لحقتها جراء صمتها على مجازر غزة؛ سمحت بممرات “إنسانية” إلى داخل غزة، وكأن لسان حالها يقول “سمّنوهم قليلا” قبل أن ترميهم بكل أنواع أسلحة الهلاك والدمار!

ثم يأتي التساؤل القاتل: لو كانت حماس ولا القسام ولا كل الفصائل الفلسطينية تعلم “مسبقا” بمجريات الأحداث وجنوحها إلى هذه الكوارث الدامية، هل كانت ستقدم على “طوفانها الأقصى”؟ هل كانت حماس وكل من يجري في فلكها ستقبل بثمن 5000 قتيل فلسطيني وتهجير مئات الآلاف منهم، ودك أرض غزة مقابل “طوفانها الأقصى”؟!

إنها لحماقة أو نوع من السادية البغيضة قبول حماس بهذه الإبادة الجماعية في حق مواطنيها الفلسطينيين مقابل عمليتها؟ فحسابات حماس امتلكتها حماسة قاتلة إلى أبعد الحدود، وغذتها عاطفة مشبوبة لا تتماشى مع سلطان العقل والتقدير الموضوعي لمجريات الأحداث الميدانية، وهل كان يدور في حساباتها أن العالم الحر؛ هذه المرة؛ سيمنح إسرائيل الضوء الأخضر لاقتلاعها ومحوها من ذاكرة المستوطنين؟! هي فقط أشّرت على أن الغرب فقط سيكتفي بإصدار بيانات “الاستنكار والتنديد، وضبط النفس”.

الحسابات الخرقاء والرعناء؛ مثل هذه يمكنها أن تنسحب على العديد من بؤر التوتر في العالم، كحرب روسيا على أوكرانيا والحرب الدائرة في السودان والنيجر..

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.