أيتام بعيوي..أيّ ريح عصفت بهم وبهنّ؟؟

admin
2024-01-19T00:04:05+01:00
كتاب واراء
admin19 يناير 2024آخر تحديث : منذ 10 أشهر
أيتام بعيوي..أيّ ريح عصفت بهم وبهنّ؟؟
  • حياة جبروني

الآن وقد حصحص الحق وخلصت فصول كتمانه وخنقه، ودمدمت الإباحية والبذاءة، وتوارت فلول الفاسدين والمفسدين إلى الخلف مفضلة الانكماش مثل البنغول على نفسه وذاته، قابعة في دهاليز عزلتها، بعد سقوط مدوّ لأباطرة الفساد والفسق والتهريب والتزوير واللصوصية وغرائز السلب من أجل الكسب لإشباع رغباتهم الموحشة الغير المنقطعة في الإثراء الفاحش.

لست هنا في موضع التشفي أو التحامل أو الإدانة، فافتراض البراءة مبدأ أساسي للعدالة. لكن ما يهمني من خلال ملفهم المنتفخ المتعفن والذي أسفر عن ملفات أخرى لا تقل عفونة ووساخة ، ليس محاكمة رئيس الجهة الملقب “بالمالطي”، في قضية ما بات يُعرف بـ”اسكوبار الصحراء”. الملف الذي هوى بكرسي الرايس من أعلى برجه الأيقوني إلى “أبوزعبل” داخل زنزانة انفرادية. ولكن أيتامه الذين يعيشون سكتة وصدمة نفسية واقتصادية ووجودية بعد أن ألفوا بل أدمنوا حنان راعهم وعطفه وقِدْره العامر، ليس بالطعام لسد رمق الجوع مثل قصة قدرعمر رضي الله عنه مع أيتامه وجياعه، ولكن بالمناصب والمراكز والصفقات المشبوهة والممنوعات والثراء الماجن والمكشوف والسُّحت  والحرام ومص دماء شبابنا وأبنائنا وخنقهم والزج بهم في بحر التيه والضيق و إغلاق السبل والمساعي لبناء مستقبلهم المشروط بالكفاءات والتكافؤ والاجتهاد والتحدي والغاية… وفي المقابل تُرك لهم باب التخدير والتعطيل والتعاطي مفتوحا على مصراعية وعلى “عينك ابنعدي” من قرقوبي  وكوكايين وحشيش وكل أنواع السموم الفتاكة.

 فأيتام بعيوي، ليسوا ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أنا وكافل اليتيم في الجنة….”، لأنهم زبانية وذهاقنة ومفسدون فوق الأرض من سياسيين ومنتخبين ومسؤولين، استرخصوا الضمير والشرف وانتهكوا حرمة المال والأعمال والمؤسسات وتلذذوا حلاوة السلطة والكراسي. فنزلوا نهشا وتفقيرا وتقطيعا في خلق الله. يبسوا مستقبلهم وجمدوا عزيمتهم وأعدموا أحلامهم في العيش الكريم.     

لاشك بعد الذي حدث وما سيحدث، نستطيع الجزم أن مدينة الألفية ملتقى الحضارات والثقافات أصبحت بقوة وبدون منازع، الحاضنة للانتهاكات والتجاوزات والتلاعبات والريع بكل أشكاله وأنواعه وكذلك مرتعا خصبا للشناقة وللصوص و”البانضيا”، البارعون في افتراس أموال العامة وتكريس ثقافة الوساطة والسلوك الاحتيالي.

أيتام الناخب الكبير المُنعَم عليهم من ذوي القربى وأصدقاء وخلان وأُخوة ولدتها أمه وأخرى لم تلدها،  احتكروا أغلب صفقات الجهة بدعمه السخي لهم ولشركاتهم،  ضربا لكل القيم وشعارات المنافسة الشريفة. جعلوا من الجهة مغربا غير نافع، يحتل المراتب الأولى في البطالة والهشاشة والبؤس وانسداد الأفق…  شعارهم في تسيير الأمور من موقع مسؤولياتهم هو: “قضاء مهام وأغراض المواطنين بتركها”، في تغييب منقطع النظير لنماذج محترمة وكفاءات عالية، فضلوا الفرار زرافات ووحدانا نحو المجهول، تاركين دموع ونحيب الثكلى والثاكل واللطيم والمُنتظرة بخوف وتوجس على أمل عودة فلذات أكبادها وهم يصارعون الموت وسط الأمواج، رفضوا الارتهان للظروف المفتعلة من نُخب “وَكّلنا عليهم الله والوطن” فشلت في أن تصنع مستقبلا يليق بشباب مثابر صامد يرفض الهزيمة. نخب لا تفقه في التنمية إلا  تنمية أرصدتهم وامتيازاتهم وشهوة الكراسي والسلطة.

نعم أيتام بعيوي الكثير منهم “بانضيا” استغلوا مواقع المسؤولية لبناء شبكات نهب وفساد على شاكلة مافيات وعصابات لم نشاهد مثلهم إلا في أفلام “الاكشن”والافلام الهندية، كنا نحسبها ضربا من الخيال والمبالغة واللامعقول، لكن في جهتنا أصبحت حقيقة وواقع، والذي كان يجهل جهة الشرق الغائبة عن أي تعريف وكذلك عاصمتها وجدة الملغية والمُغَيّبة، أصبحت بفضل الناخب وأيتامه أشهر العواصم، بل أصبحت عاصمة عالمية بعد الانقلاب الخطير في الضمير والقيم وتغوّل الفساد والاتجار الدولي في المخدرات والتزوير والرشوة وتكوين شبكات اجرامية مركبة تنشط داخل البلاد وخارجه قد تشكل تهديدا وجوديا لأمننا وسلامتنا.

وجدة التي كنا نتغنى بجمالها وماثرها وتاريخها، حيث كانت ومازالت رافدا أساسيا للوعي الثقافي والنضج الابداعي، ونتباهى أكثر بعدد مساجدها إذ احتلت الرتبة الأولى وطنيا والثانية عالميا وما توفره من أمن روحي واخلاقي للساكنة، أرادوا لها أن تكون عكس ذلك : عشا للدبابير القاتلة والسحالي السامة.

وأنا أستعرض موضوع اليُتم واليتامى وما كان يُقدم لهم من العون والرعاية الكاملة بشكل باذخ واستثنائي، لا يفوتني أن أمر على اليتيم المرياع، يشتغل تحت سلطة الراعي مهمته قيادة القطيع واستمالتهم واقناعهم… منهم من ينتمون إلى قبيلة الاعلام القلب النابض لمنظومة التكوين والتوجيه والإرشاد والتوعية…. عقد مع بعض عِلّية القوم شراكات بالملايين يروجون ما لذَّ وطاب من املاءات وادعاءات وتمويهات ومغالطات ووووو ولما سقط الراعي وتم توقيفه و فضحه لاذوا بالصمت وتواروا عن انظار المتابعين و”شدو الطرف” رغم أنهم كانوا في الصفوف الأمامية في كثير من القضايا والأحداث، لكنهم في قضية “اسكوبار الصحراء”، فضلوا أن يكونوا مع الخوالف. ولم يستعرضوا عضلاتهم في عرض سلعتهم حتى تأكدوا جيدا من سقوطه و من توقف نبضه، حينها أخذتهم العزة بالإثم وبدأوا ينشرون غسيله الذي كان في الأمس القريب يُبَيّض، أكلوا غلّته وسبّوا ملته. ناهيك عن فريق اخر من الاعلام ولكن على “قد حالهم” منهم مهنيين واخرين منتحلين جلهم من النطيحة والمتردية وما أكل السبع، ويُستخصر فيهم كلمة شراكات، بل كانت صداقات فقط، مقابل بيع الضمير المهني وترويج الادعاءات والافتراءات والأكاذيب، مجرد أبواق رخيصة لا يتعدى مصروفها بعض الوريقات شبيهة بالتي تُقدم وقت الانتخابات، والشهادة لله، كانوا يقنعون بما “سخاه الله” ولعمري لسوق الأغنام أغلى سعر من سوق الأقلام.

وبعد كل ما قيل وما يُقال وما سيُقال تأكدت لي حقيقة واحدة وخلاصة جامعة، أن تخلف مدينة وجدة عن كل الامتيازات والفرص التي مُنحت لباقي المدن المغربية والتي نعتبرها محظوظة، ليس بسبب البعد الجغرافي أو اللا عدل اجتماعي ومجالي وووو، القشة التي نعلق عليها حقيقتنا  وتخلفنا، ونلقي اللوم في كل مرة على المركز وبعده وعدم قدرته في إيجاد حلول ناجعة لفك العزلة.  ولكن بسبب ابناء الألفية العاقين، الجاحدين ممن وُكلت لهم مسؤولية الرعاية والاهتمام.  تنكروا لفضلها وعطائها وسخائها ومارسوا عليها كل أنواع الجرائم والانتهاكات، وألقوا بها إلى الفقر والتقوقع.

 فلا خير في إبن عاق مسخوط.

وفي الأخير وفي هذا المقام، يحضرني مقطع من أغنية “وجدة يا النوارة” للشاب ميمون الوجدي الله يرحمه يقول:

وجدة رحتي خسارة

وجدة يا النوارة

وجدة ناس جاوك زيارة

فلكومة شافوك نظارة

دمك سايل باين مارة

قولي لي طبيبك وين

اصحاب النوبة نهب بغارة

وعيشتنا ردوها مرارة

ما تسمع غير هاك وارا

قولولي الهربة وين.   

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.