عبد اللطيف مجدوب
أورام سياسية خبيثة
سجل التاريخ؛ ومنذ عقود؛ حساسية مفرطة من حكام الجزائر تجاه المغرب، وما آلت إليه من تشنجات سياسية في أعقاب “حرب الرمال” أو بالأحرى الصفعة العسكرية التي تلقتها الفيالق الجزائرية بتخوم صحراء تيندوف على يد القوات المسلحة المغربية سنة 1963، ومنذئذ والمناوشات والدسائس الجزائرية تستعر بين حين وآخر لتبلغ ذروتها إبان تنظيم المسيرة الخضراء وإعلان المغرب عن استرجاع أقاليمه الصحراوية سنة 1975، فجاء رد فعل الحاكم الجزائري سريعا؛ من خلال تنظيمه مسيرة أسماها “بالمسيرة الكحْلة”، أقدم فيها الطاغية العسكرية؛ وبدون مراعاة لأدنى قيم الإنسانية والتسامح والتجاور؛ على طرد 350 ألف مغربي من الجزائر بعد أن جردهم من كل ممتلكاتهم ومتاعهم، وفي آن استنبت خلية كيان سياسي وهمي بأراضي تندوف (البوليساريو)، تحول؛ في ما بعد وحتى الآن؛ إلى القناع الذي تتخفى من ورائه الآلة العسكرية الجزائرية الحاكمة وتتخذ منه؛ في كل المحافل الدولية؛ القفاز السياسي لمناوأة المغرب وسيادته على أراضيه.
مليارات تذهب إلى التسلح وشعب جائع!
غير خاف على أي مراقب استراتيجي؛ بالنظر إلى الخريطة السياسية التي تحكم شمال إفريقيا؛ أن هناك بقايا إرث لنظام سياسي بائد زمن “الاتحاد السوفياتي” والأنظمة الشيوعية والاشتراكية.. ما زالت تحكم توجهات معظم أفراد المؤسسة العسكرية الجزائرية، لتشبع شيوخ جنرالاتها بالثقافة الستالينية؛ في مراكمة السلاح والقمع وخنق الأنفاس، فتذهب مئات المليارات من الدولارات كعائدات النفط والغاز كنفقات للسلاح وتجديد ترسانته، بينما الشعب الجزائري يتضور جوعا، وهو يرى خيراته تذهب إلى التسلح وتغذية وليدتها البوليساريو!
رضوخ لسياسة تعليمية مزاجية
توالت على منطقة القبائل شرق العاصمة الجزائر حراكات شعبية؛ اتسمت بالحدة والعنف أحيانا، كان من أبرز مطالبها الاستقلالية والاعتراف بالهوية الأمازيغية والتمكين لثقافتها في عموم الوطن؛ عبر تبني لغتها ضمن منظومة التعليم الوطنية، لتقدم السلطات التعليمية الرسمية في الجزائر أخيرا على منح اللغة الأمازيغية أغلفة زمنية تفوق ما للغة العربية، ويعني هذا رضوخ تام لنظرة عرقية عمياء، ما فتئت الحركات الأمازيغية تنادي بها، وبحرص تام على رفع “العلم الأمازيغي” في كل تحركاتها وأشكال نضالاتها.. علما أن تبني الأمازيغية في المناهج الدراسية وتوظيفها في مجالات الإدارة والقضاء والتكنولوجيا..؛ كما أكدته العديد من الدراسات السوسيولسانية والتطبيقية منها خاصة؛ يستدعي حقبة زمنية لا تقل عن ثلاثة أجيال (100 سنة بالتقريب)، كما تعني؛ من وجهة أخرى؛ سياسة ارتجالية فجة في تعديل المناهج التعليمية، فقط للإبقاء على رموز السلطة الحاكمة؛ تلاعبا بمستقبل الأجيال الجزائرية الناشئة، مهما كانت الظروف والملابسات والعواقب.