الحرب في أوكرانيا وأزمة الطاقة والغذاء..

admin
كتاب واراء
admin2 أبريل 2022آخر تحديث : منذ 3 سنوات
الحرب في أوكرانيا وأزمة الطاقة والغذاء..

 حسوني قدور بن موسى

فقزت أسعارالبترول في الأسواق العالمية بصورة كبيرة مسجلة أرقاما قياسية أكثر من 4 في المئة مع تصاعد الحرب في أوكرانيا وفرض عقوبات اقتصادية على روسيا في الوقت الذي قال فيه منتجون رئيسيون للنفط أنهم يواجهون صعوبة في انتاج حصصهم المقررة بموجب اتفاقية خاصة بالإمدادات، الأمر الذي زاد من مخاوف الدول المستهلكة للنفط بشأن إمكانية تعويض الإمدادات الروسية في السوق الدولية، هذا بالإضافة إلى زيادة التوترات والنزاعات المسلحة في الشرق الأوسط الأمر الذي أدى الى ارتفاع أسعار النفط بنسبة 4.1 في المئة ما يقارب 4.40 دولار و في هذا الصدد دعت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية التي تقف الى جانب أوكرانيا أعضاء منظمة البلدان المصدرة للنفط ( أوبك) وخاصة الامارات والسعودية الى الزيادة في انتاج النفط الخام بشكل أسرع بعد ارتفاع الأسعار فوق 100 دولار للبرميل في حين تحافظ الولايات المتحدة الأمريكية على مخزونها النفطي لمواجهة تحديات المستقبل في محاولة منها انهاك المخزون النفطي العربي كما أن الحرب في أوكرانيا كشفت بوضوح عن تبعية الدول العربية للدول الرأسمالية وخاصة في المجال الغذائي.

أسعار الأغذية

ويبدو أن ارتفاع مؤشر أسعار الأغذية في السوق الدولية يربك حسابات كل الحكومات العربية، وهي تعاني من ارتفاع فاتورة أكبر مستوردي الغذاء حيث وصلت قيمة فاتورة استيراد الأغذية من الخارج بالعملة الصعبة الى 100 مليار دولار سنويا حسب تقدير قطاع الشؤون الاقتصادية في جامعة الدول العربية.
وستزيد معاناة الشعوب العربية في ظل العجز المستمر في الموازنة العامة بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا على انكماش الاقتصاد العالمي وتراجع المتاح من الانتاج الغذائي في السوق الدولية وارتفاع أسعارالغذاء الذي يثقل كاهل المواطن العربي الذي هو وحده من يتحمل نتائج فشل أداء الحكومات في المجال السياسي والاقتصادي وتشكل هذه الزيادات في المواد الغذائية عبئا إضافيا على تكاليف معيشة المواطنين الفقراء والضعفاء التي سيدفعونها من جيوبهم الخاصة هذا في الوقت الذي يتم فيه تهريب الأموال الطائلة الى الخارج من طرف المفسدين وصلت في المغرب على سبيل المثال إلى 400 مليار دهم خلال الفترة ما بين 2004 و 2013 أي بمعدل 400 مليار درهم في السنة حسب التقرير الصادر عن المؤسسة الأمريكية.
وتعتبر الفواتير المزورة أكثر الطرق اعتمادا من طرف مهربي المال الحرام إلى الخارج ذلك أن 380 مليار درهم فقدها المغرب خلال السنوات الأخيرة، ومن أخطر مظاهر تبذير المال العام في المغرب هو ارتفاع رواتب المسؤولين، فراتب الوزير الأول يصل الى 70 ألف درهم و الوزراء 58 ألف درهم والبرلمانيين إلى 40 ألف درهم في الوقت الذي يتقاضي فيه مسؤولون كبار في الدول الأوروبية راتبا لا يتعدى 1000 يورو التي تعادل 10800 درهم، فعلى سبيل المثال فإن أجور رؤساء وزراء ووزراء أولين في مجموعة الدول الأوروبية تقل بخمس مرات عن الأجر الشهري لرئيس الحكومة المغربية، هذا مع وجود الفرق الشاسع بين المسؤولين في بلادنا والدول الأوروبية من حيث المردودية و حجم الانجازات والمستوى العلمي والصدق و الاخلاص في العمل. فعلى سبيل المثال فإن راتب رئيس وزراء صربيا يبقى أقل بكثير من راتب رئيس الوزراء المغربي بسبع مرات ولا يملك هذا المسؤول الصربي الكبير أي سيارة أو أي مدخرات في البنك أو ثروات ولا يملك سوى شقة مساحتها 30 مترا مربعا. ويعتبر موضوع تبديد المال العام في المغرب من أبرز اهتمامات المواطنين حيث أن عمليات السرقة شملت معظم الصناديق، وعلى رأسها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي سرقت منه 115 مليار درهم هذا بالإضافة إلى صناديق الجماعات المحلية ومع ذلك عاد المفسدون من جديد الى كراسي المسؤولية في الوقت الذي يعاني فيه معظم المواطنين من مظاهر الفقر وانعدام الشغل والسكن والعناية الصحية.

الموارد الطبيعية

تتوفر الدول العربية على كنوز من الموارد الطبيعية وتملك خمسة وخمسين في المئة من الاحتياطي العالمي للنفط، وتعتبرالثروة الزراعية من أهم ثرواته إلا أنها لا تلقى الاهتمام الذي يجب وتتمثل الثروة الزراعية في الوطن العربي في انتاج الحبوب، وأهمها القمح والشعير والذرة ورغم وجود هذه الثروات الهائلة فشلت الحكومات العربية في الاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية وفشلت في تحرير القرارات السياسية للدولة من التبعية الاقتصادية للدول الرأسمالية الغربية المصدرة للأغذية.
ومن الأسباب التي أدت الى مأزق ارتفاع أسعار الغذاء في الدول العربية ومن ضمنها المغرب سوء تدبيرالاستثمار في القطاع الزراعي الحيوي وإهمال دعم المزارعين وغياب الانفاق على البحث الزراعي حيث لا يتعدى 1 في المئة من قيمة الانتاج الزراعي و بذلك اتسعت الفجوة الغذائية ما أدى الى زيادة استيراد الغذاء من الخارج، وأكثر الدول العربية التي تعاني من العوز الغذائي هي مصر والسعودية والإمارات و الجزائر والعراق، وهي أكثر الدول انفاقا على شراء الأسلحة وايهام الشعوب بوجود عدو خارجي يسعى إلى زعزعة النظام الداخلي للدولة، و بالرغم من أن الدول العربية قد حصلت على الاستقلال فإنها لا زالت تابعة في جميع المجالالت للدول الغربية المتقدمة، إن أزمة الغذاء التي اجتاحت العالم مؤخرا سلطت الضوء على حجم الأخطار الاقتصادية والغذائية التي تهدد الدول العربية، حيث أصبحت عبئا كبيرا لا يمكن الخلاص منه بسهولة وانتقلت لتشكل جزءا من التبعية السياسية للدول الرأسمالية الغربية، خاصة أن الدول العربية تعتمد على مساعدات هذه الدول و بالأخص القمح، فالخبز هو قوت الشعوب العربية وارتفاع سعره قد يقود إلى توترات سياسية وثورات الأمر الذي يدفع الحكام العرب إلى تقديم تنازلات للدول الغربية، وبذلك لم يعد القرار السياسي بيد الحكومات العربية بل أصبح في حقيقة الأمر تابعا لقرارات الدول الرأسمالية الغربية، ومع وفرة الأراضي الزراعية بمساحات شاسعة ووفرة مياه الأنهار خاصة في مصر والسودان إلا أن الدول العربية غير قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من حاجياتها للمواد الغذائية الاستهلاكية، ففي السودان وحده ما يزيد عن 175 مليون فدان، والفدان يساوي 4200 متر مربع من الأراضي الصالحة للزراعة وأكثر من 100 مليون رأس من الماشية كذلك وأزيد من 400 مليون متر مكعب معدل هبوط الأمطار سنويا، ومع ذلك فإن السودان يحتاج الى المساعدات الأجنبية، أما المغرب وفي مجال الزراعة فان مافيا العقار تلتهم الأراضي الزراعية على حساب معيشة السكان وتقدرالمساحة الصالحة للزراعة بـ 12 في المئة من المساحة الإجمالية للبلاد التي تقدر بـ 17 مليون هكتار، وتشهد ضغطا متزايدا بسبب التوسع العمراني حيث فقدت البلاد 28 ألف هكتار من الأراضي المروية خلال عشرة أعوام بسبب زحف البناء الذي يلتهم سنويا خمسة ألاف هكتار تحت أنظار المسؤولين.
إن الجانب الآخر الذي له أهمية كبيرة على اثرارتفاع سعرالنفط والزيادة في المواد الغذائية بسبب الحرب في أوكرانيا هو مدى قدرة الحكومة المغربية ورجال الأعمال وأصحاب الثروات على حماية المواطنين ومساعدة الطبقات الفقيرة والتوسع في مد شبكات الحماية الاجتماعية، والسعي إلى تخفيف الفوارق والحد من تفاوت توزيع الدخل بين طبقات المجتمع إلا أن صعود حكومة رجال الأعمال والتوجه السياسي نحو تركيز النظام الليبرالي الذي لا يرحم الفقراء والضعفاء والاتجاه أكثر نحو خوصصة القطاعات الحيوية في الدولة سيرفع من نسبة الفقر في المغرب التي سجلت 17.1 بالمئة سنة 2019.
إن التاريخ شاهد على أن جميع الحروب التي وقعت في الدول العربية كان ضحيتها الفقراء والمساكين والضعفاء، أما الأثرياء فلا يتأثرون بها لتوفرهم على إمكانيات تسهل لهم الفرار إلى الخارج حيث يجدون قصورهم وأموالهم الطائلة في البنوك.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.