يحي زروقي
هل يعقل أن يصدق حدس الادباء حينما يتوقعون مصير أممهم. حينما نشر صنع الله ابراهيم رواية اللجنة او كما يسميها”الرجل الذي أكل نفسه” سنة 1981م،كان يقصد النظام المصري وما جره على بلاده من ويلات الانفتاح الكاذب والديموقراطية التي لها أنياب كما سماها الرئيس القتيل السادات، وأكاد أجزم أن كل توقعات الرواية وصاحبها الساخر تكاد تمشي على الأرض العربية،بل وتتجسد يوما بعد يوم.يقول السارد :” كان من واجبي ألا أقف أمامكم وإنما أن أقف ضدكم ! ” من حقنا أن نصدق ما يقال عن هذه الزجاجة البريئة المظهر وكيف أنها تلعب دورا حاسما في اختيار طريقة حياتنا .. ورؤساء بلادنا وملوكها ، بل والحروب التى نشترك فيها ، والمعاهدات التى نوقعها”. هكذا تحدث بطل ” اللجنة” عندما وقف أمامها ، متمسحا بها ، قابلا لإهاناتها، وللمهمة التى كلفته بها.. لكن البحث عن الدكتور قاده إلى اكتشافات مثيرة وتفسيرات لألغاز أعيت الكثيرين مثل علاقة الملك خوفو السرية ببني إسرائيل ، واللعنة الجنسية ، والتعصب الديني .. وعودة الكوكاكولا! كما قادته إلى جريمة قتل.. .. وإلى مصير لا يخطر ببال أحد رواية جريئة مشوقة ، ترصد بفنية عالية نمو العلاقات الاجتماعية والاقتصادية خلال مرحلة المد القومي وبعد انحساره وما أفرزته من طبقات وأوضاع ، وتمزج الواقع الحي بالكاريكاتير الساخر. أجمل ما كتب صنع الله ابراهيم. ولا أخفي عليكم أن العنوان الثاني”الرجل الذي أكل نفسه” رسالة تعبر بقوة على يأسه وإحساسه بالظلم وفقدان انتمائه لنظام طالما تغنى بالاشتراكية،والقومية، واغنية حليم” ما تغيب الشمس العربية طول ما نا عايش فوق الدنيا”.
وإلى رواية أخرى بحول الله.
يحي زروقيمنذ 5 أشهر
شكرا جزيلا للإعلامية حياة جبروني ولمنبرها الإعلامي.