أحمد عصيد
ما أقدمت عليه وزارة الداخلية في مشروع القانون 20.04 المتعلق بالبطاقة الوطنية للتعريف خرق سافر للدستور وللقانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، والذي تمت المصادقة عليه منذ أكتوبر 2019، والذي تضمن ما يلي:
” نص المادة 21
تكتب باللغة االأمازيغية إلى جانب اللغة العربية، البيانات المضمنة في الوثائق الرسمية التالية:
ـ البطاقة الوطنية للتعريف
ـ جوازات السفر
ـ رخص السياقة بمختلف أنواعها
ـ بطاقات الإقامة المخصصة للأجانب المقيمين بالمغرب
ـ مختلف البطائق الشخصية والشواهد المسلمة من قبل الإدارة.”
ما يجعلنا نتساءل عن السبب الذي يجعل “أم الوزارات” التي من المفروض أن تكون الأولى من بين جميع قطاعات الدولة التي تراعي القوانين والدستور وتفعيلهما، كما أنها معنية قبل غيرها باستقرار البلد وبالسلم الاجتماعي، عوض إثارة الفتن والصراعات التي سبق حسمها داخل المؤسسات، نتساءل عن سبب اقترافها لهذا الخرق.
لقد ألححنا غير ما مرة على ضرورة أن تعمل الدولة المغربية بجانب تغيير القوانين وتطوريها على تغيير عقليات المسؤولين كذلك، حيث من غير المقبول أن يبقى لدينا مسؤولون لا يقيمون اعتبارا للتطورات القانونية والتشريعية التي يعرفها بلدنا.
من جانب آخر نادينا لأكثر من مرة بضرورة احترام مسلسل “المصالحة الوطنية” من خلال التزام الدولة بـ”عدم العود”، والذي هو الشرط الأساسي لكل مصالحة حقيقية، عوض اقتراف الأخطاء السابقة. ففي موضوع الهوية والمسألة اللغوية من غير المُجدي العودة إلى ممارسة التمييز ضد اللغة والثقافة الأمازيغيتين بعد وجود ترسانة قانونية تضعهما في وضعية مشرفة وهي وضعية الترسيم في دستور البلاد، مع وجود قوانين تنظيمية لضمان التفعيل الأمثل. ما يوفر لهما الحماية الكافية من أي تمييز أو إقصاء.
إن ما قامت به وزارة الداخلية هو ضربٌ من العبث يزكي بشكل واضح كل ما يقال عن بلدنا من عدم احتكامه في تفعيل سياساته إلى المرجعيات المكتوبة بل فقط إلى المزاج والتعليمات الشفوية، وهذا يجعلنا بعيدين عن تقوية تجربتنا الديمقراطية الهشة والمتعثرة.
من المعلوم أن تغيير البطاقة الوطنية لا يكون إلا على رأس مدة زمنية قد تمتد لسنوات طويلة، ولهذا كان على وزارة الداخلية أن تراعي المدة الزمنية التي سطرها القانون التنظيمي، والتي من غير الممكن الالتزام بها إذا لم تدرج الأمازيغية في السياق الراهن في أوراق الهوية.