ذ. حسوني قدور بن موسى
” ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم”، فبسبب النزاعات و الاقتلال و الحروب الدامية فيما بين العرب و غلق الحدود في وجه الرعايا العرب و الفشل الذريع في اقامة وحدة عربية و انتشار ظاهرة الفساد و الرشوة و نهب خيرات الشعوب العربية و انعدام الديمقراطية و قمع الحريات الفردية و الجماعية و سيطرة العائلات الحاكمة على ثروات البلاد العربية و الخصوع و الركوع للهيمنة الأجنبية و أخطرمن هذا كله خيانة القضية الفلسطينية.
وقفت احدى الأمهات الفلسطينيات على قبر ابنها الشهيد في انتفاصة الأقصى تبكيه ، فنظر اليها أحد من المارة فقال : ” لقد أحرزت هذه المرأة السبق على الرجال العرب في هذا الزمان ، زمن الاذلال و الاستسلام والخيانة ، انها ليست مثلهم ، فهي تعرف تمام المعرفة على من تبكي و من الذي سبب لها هذا الجزع الشديد انها موفقة لأنها تدرك حالها و تدرك من أجل أي شيء يجب البكاء ” انها تبكي على ابنها الشهيد و على العرب الذين اعتراهم الهم و الغم و قد جلسوا يكابدون الأحزان و الهزائم تلو الهزائم طوال أكثر من 70 عاما مضت فأصبحت أجسادهم واهنة و ارادتهم ضعيفة لذا وقعوا في الحيرة فتحولت حقوقهم الى تنازلات و تحول الممكن الى أمنية و ربما الى مستحيل ختى صارت الأمة العربية لا تعي أن التنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني يجر الى تنازلات اخرى و أن التنازل يدفع اسرائيل الى التشدد لتحقيق أطماع أخرى والمزيد من المكاسب و الانتصارات و قد أصيب العقل العربي بالجمود والتفكير بالاضمحلال و مع تراكم الهزائم و الأزمات و النكبات أصبح العقل العربي مصابا بالوهن فألف تلك الهزائم وهذه الأزمات تدل على أن الواقع العربي مصاب بخلل واضح في كافة المشاريع الحضارية التي قدمتها كافة القوى الفكرية و الثقافية على الساحة العربية شرقا و غربا ، ان العبرة ليست بعدد السكان العرب أو بعدد القرون عل وجودهم على وجه هذه الأرض ( أكثر من 14 قرنا ) بل العبرة بالتقدم العلمي والتكنولوجي و التنمية و تحقيق الديمقراطية ، فأمريكا عمرها لا يتجاوز 4 قرون من الزمن فهي اليوم أقوى دولة تتحكم في العالم و عدد اليهود لا يتعدى 8 ملايين يهودي بينما عدد المسلمين يفوق مليار، يتقاتلون فيما بينهم يرددون كلمة الله أكبر في سوريا و اليمن و ليبيا و العراق لقتل اخوانهم المسلمين بدلا من توجيه اسلحتهم الى العدو الصهيوني الذي يقتل الاطفال و النساء و الشيوخ و يحتل القدس العربي بقوة السلاح و يضم الأراضي ، فما الفائدة اذن من كثرة عدد المسلمين و حرصهم على الشعائر الدينية و هم متفرقين متحاربين فيما بينهم، هذه مفارقات غريبة تشير الى خلل في الفكر العربي، حتى أن المواطن العربي أصبح لا يثق في الحكام العرب و في مؤتمراتهم الفاشلة التي تجتمع على الموائد الفاخرة لاشباع البطون و اللهو و الترف و البذخ في الفنادق الفاخرة فأصبحوا بلا مصداقية ، فلم تكن مواقف الحكومات العربية متفقة و منسجمة حول القضية الفلسطينية منذ أول مؤتمرعربي المنعقد في مصر في 27 ماي 1946 ، و في مؤتمر الخرطوم المنعقد في 1 شتمبر 1967 تم الاعلان عن مبدأ : ” لا صلح لا اعتراف لا تفاوض ” مع اسرائيل ، و كانت هذه الكلمات القوية لا تعبر فعلا عن ارادة عربية جماعية بل كانت تستعمل من أجل الاستهلاك السياسي لتخدير الشعوب العربية، و في مؤتمر القمة العربي المنعقد في الرباط سنة 1971 كانت نفظة تحول جذرية في تاريخ القضية الفلسطينية يمكن اعتبارها بداية النكبة السياسية التي وصلت بها الى حضيض منحدرالتنازلات عن الحقوق الفلسطينية المشروعة ، في هذا المؤتمركان الاعلان عن تراجع سياسي كبير في تاريخ القضية الفلسطينية و هو اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الفلسطيني بدلا من اعتبار القضية الفلسطينية هي قضية العرب جميعا كان ذلك يهدف الى تجريدها من جذورها و أبعادها العربية و الاسلامية و اعتبارها قضية الفلسطينيين على وجه التخصيص حيث تحول النزاع من نزاع عربي اسرائيلي ال نزاع ثنائي بين اسرائيل والفلسطينين ، و كأن العرب لا شأن لهم بهذه القضية.
قالت ” جولدا مليير ” سنة 1967 : ” عندما أحرقت القدس لم أنم طوال الليل فكنت أعتقد أن العرب سينزحون الى اسرائيل من المحيط الى الخليج لرمينا في البحر و في الصباح لم يقع أي شيء فتأكدت أن العرب نائمين لا يستطيعون فعل شيء “ .