Notice: Undefined index: HTTP_ACCEPT in /home1/respress/public_html/wp-content/plugins/any-mobile-theme-switcher/any-mobile-theme-switcher.php on line 117
ما الذي يمنع المغرب وموريتانيا من الاتحاد؟ - رسبريس - Respress

ما الذي يمنع المغرب وموريتانيا من الاتحاد؟

admin
كتاب واراء
admin20 فبراير 2025آخر تحديث : منذ 3 أيام
ما الذي يمنع المغرب وموريتانيا من الاتحاد؟

نزار بولحية

إن كان المغرب والجزائر شقيقين توأمين كما شبههما العاهل المغربي ذات مرة، فإن المغرب وموريتانيا هما كيان واحد، حتى إن كان على شكل دولتين، وذلك يبدو محيرا في حد ذاته، فهل أن خيارات وتوجهات كل واحدة منهما هي وحدها التي حالت دون اندماجهما؟ أم أن مصالح وضغوطات قوى خارجية هي التي وقفت سدا منيعا أمام تحقيق ذلك؟ الثابت أن روابط قوية طالما جمعت وما زالت تجمع إلى اليوم كلا من الرباط وشنقيط، كما أنه لا أحد بمقدوره أن ينفي أو يمحو حقيقة أن كل واحدة منهما كانت وفي وقت من الأوقات جزءا من الأخرى. لكن هل أن ما يجمع المغاربة والموريتانيين أمر استثنائي لا مثيل له في المنطقة؟ أم أنه يتكرر وينطبق أيضا على باقي الشعوب المغاربية الأخرى؟
من الواضح أن التداخل بين المغاربيين عموما يبدو كبيرا وعميقا، إلى درجة أن الفروقات والاختلافات بينهم تبدو ضئيلة ومحدودة للغاية، وهنا فإن الشعبين المغربي والموريتاني يقدمان مثالا قويا، وربما نموذجيا على تلك الحالة، لكن كيف يلوح المستقبل؟ وهل سيكون بمقدور العاصمتين وعلى المدى المنظور أن تتقاسما المصير نفسه، وتكونا بالتالي ومن جديد كيانا موحدا؟ أم أن ذلك يبدو وفي الظرف الحالي بالذات غير متوقع أو وارد بالمرة؟ لنتخيل فقط ما الذي سيحدث مثلا إن أعلن وبشكل مفاجئ عن قيام العاهل المغربي والرئيس الموريتاني مثلا، بعقد اجتماع في معبر الكركرات الفاصل بين البلدين، وإنهما قررا وعلى أثر ذلك اللقاء التوقيع على اتفاق يقضي بقيام وحدة اندماجية بين الدولتين، على شكل فيدرالي مثلا تكون سارية المفعول من لحظة صدور بيان من الطرفين بذلك، ألن يشكل مثل ذلك الحدث هزة كبرى في المنطقة، ويكون بمثابة الزلزال السياسي الرهيب في الشمال الافريقي، ويقلب كل المعادلات والموازين فيه رأسا على عقب، ويعيد رسم الخرائط الاستعمارية القديمة من جديد؟ من المؤكد أن عدة أسئلة قد تطرح في تلك الحالة وأولها هو، هل يمكن أن تلاقي مثل تلك الخطوة قبولا أو ترحيبا من جيرانهما؟ ثم على مستوى أوسع كيف يمكن أن ينظر لها إقليميا ودوليا؟

إن عقدة الحل والربط ربما تكمن هناك، ولعل هناك من سيقول ولماذا تم القفز بسرعة على المسألة، التي تبدو مبدأية ومفصلية وهي، رأي المغاربة والموريتانيين؟ ولماذا لم يختبر أحد رغبة الشعبين، أو استعدادهما لذلك الاتحاد قبل الوصول في مرحلة تالية إلى اتفاق القائدين على صيغة، أو شكل من أشكال الاندماج بين الرباط ونواكشوط؟ لكن إن جرى استفتاء حر حول ذلك في البلدين فما الذي ستكون نتيجته يا ترى؟ هل سينتصر الشوفينيون ومن يؤمنون بأن الخطوط التي رسمها الاستعمار لتفصل هذا الجانب عن الآخر، يجب أن تبقى مقدسة الى يوم الدين ويرفعون بالتالي «لا» رفض كبرى أمام فكرة اتحاد مغربي موريتاني؟
تاريخيا كانت فرنسا هي من وقفت وبقوة أمام تحقيق تلك الفرضية، حين وضعت أواخر خمسينيات القرن الماضي أمام الموريتانيين واحدا من احتمالين اثنين وهما، إما بقاء بلادهم إقليما من أقاليم ما وراء البحار الفرنسية، أو تحولها إلى جمهورية ذاتية الحكم تتمتع بالاستقلال الداخلي ضمن الإطار الفرنسي. وفي النهاية فقد حاز الخيار الثاني على أعلى نسبة من أصوات المقترعين في ذلك الوقت، قبل أن يعلن الرئيس الراحل المختار ولد داداه مطلع الستينيات عن استقلال موريتانيا «بناء على الاتفاق الذي جرى عقده بين كل من الجمهورية الفرنسية والجمهورية الإسلامية الموريتانية بتاريخ التاسع عشر من أكتوبر من عام 1960». لكن العوائق والعقبات الخارجية العديدة، التي قد يصدم بها مثل ذلك الطموح لا تبدو مجهولة بالنسبة للبلدين، وقد لا يتعلق الأمر هنا فقط بالموقف المرتقب من جارتهما الكبرى الجزائر، التي ستنظر إلى ذلك الأمر وبالتأكيد، على أنه نوع من التحالف الخطير، وربما قد تعتبره أيضا بمثابة إعلان حرب ضدها، واحتراق لواحدة من أهم أوراق الضغط التي تمتلكها وهي ورقة جبهة البوليساريو، التي قد تضعها تلك العملية أمام مأزق حقيقي، لكن أيضا بمواقف باقي الجيران الآخرين في المنطقة، الذين قد ينظرون للعملية بحذر ويعتبرونها تغيرا غير مقبول في موازين القوى الإقليمية، من شأنه أن يشكل خطرا على مصالحهم في المنطقة. وفي هذا الجانب بالذات ربما لا ينسى الموريتانيون والمغاربة، على حد سواء، كيف أن بلدا مغاربيا جارا وهو تونس كان من أول المعترفين باستقلال نواكشوط، رغم علاقاته الوثيقة والقوية مع الرباط.
لقد وجه العاهل المغربي الراحل محمد الخامس، شهورا قليلة قبل الإعلان عن ذلك الاستقلال، رسالة الى الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة يدعوه فيها إلى تأييد الموقف المغربي ويحذره من عواقب اتخاذ قرار معاكس له. وكان من بين ما قاله له فيها إنه «لو ـ لا سمح الله ـ تصرفت تونس بطريقة من شأنها أن تضعف موقفنا وتربك عملنا، فسينجر عن ذلك نتائج غير سارة بالنسبة إلى علاقاتنا معكم بالخصوص وبصفة عامة بالنسبة الى مستقبل المغرب العربي، الذي نأمل بناءه على أسس أمتن وأطول وأبقى»، لكن بورقيبة الذي اندفع بحماس وراء فكرة استقلال موريتانيا، برر موقفه في رسالة بعثها إلى محمد الخامس بأن «المسألة هي أخطر، لاسيما وأنها تتعلق ببلد يشكل حسب رأينا جزءا من المغرب العربي الكبير، وإننا نحرص على أن لا يتم إبعاده عن إخوته العرب والمسلمين»، أي أنه كان يرى ان استقلال موريتانيا سوف يساعد حتما على إقامة الاتحاد المغاربي في الوقت الذي كان فيه نظيره المغربي يرى حينها العكس تماما، ومع أنه يمكننا أن نشاهد الآن وبوضوح وبعد أكثر من ستين عاما من ذلك الاختلاف بين الراحلين، مآل المغرب العربي الكبير، الذي كان كل واحد منهما يطمح لتحقيقه، إلا أن يثبت شيئا واحدا وهو أن تحريك اي قطعة من قطع النرد على طاولة الشمال الافريقي ليست بالمهمة السهلة. لقد جرب الليبيون والتونسيون والجزائريون والمغاربة في فترات مختلفة اتحادات ثنائية بين أقطارهم عمرت واحدة منها أربعا وعشرين ساعة فحسب وهي الجمهورية العربية الإسلامية، التي أعلن في السبعينيات عن قيامها بين تونس وليبيا. وبقي الموريتانيون إلى حد اليوم بعيدين عن تلك التجارب الفاشلة. لكن هل يعني ذلك أنهم قد أصيبوا بحساسية، نحو أي عملية للاتحاد والاندماج بين دولتهم وأي دولة من دول الجوار. ربما هناك من يعتقد ذلك وربما هناك أيضا من يعتبر أن أي اتحاد بين المغرب وموريتانيا سيكون عبارة عن ابتلاع بلد للآخر، لكن إن طرحنا جانبا كل تلك الهواجس التي قد يبدو بعضها حقيقيا وبعضها متوهما وتخيلنا للحظة واحدة كيف سيكون حال المغاربة والموريتانيين بعد تلك الوحدة، ومعهم حال المنطقة المغاربية أيضا، فإننا لن نصدق حتما ما سنراه.
كاتب وصحافي من تونس

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.