عبد اللطيف مجدوب
اضطهاد القيم الدينية
غرق الدول الغربية في حمأة القيم المادية واستباحتها للدوس على القيم الدينية، الإسلامية منها خاصة، أصبح لسان استنكار الجميع، بما في ذلك العديد من المنظمات الإنسانية والمؤسسات الاجتماعية التي لا تكف عن مناداتها باستعادة القيم الروحية بعد أن لقيت حتفها بالكاد تحت عجلات “الحداثة والعلمانية”.
وقد طفا مؤخرا على سطح الأحداث حادث نحر الأستاذ الفرنسي إثر عرضه لرسومات ساخرة مسيئة في المقام الأول إلى شخص الرسول (ﷺ)، رافقته أصوات مطالبة بضرورة “تجريم” كل فعل يستهدف الأديان السماوية والمس بمشاعر أتباعها، وفي آن شجب كل عمل إجرامي كرد فعل تجاه الإضرار بعقيدة ما.
وقد خلفت هذه الواقعة تفاعلات وردود فعل غاضبة ونقط استفهامات ضخمة انحصرت في مدلول حرية التعبير، وهل هي مطلقة أو مقيدة بحدود؟ وإن كان مدلولها ما زال رهينا بظاهرة الإسلاموفوبيا التي أخذ شأنها يتعاظم داخل الثقافة الغربية.
مقاطعة البضائع أو اليورو حينما يكون جريحا
من الردود العاصفة التي ما زالت تتوالى من قبل جهات عديدة “مقاطعة المنتجات الفرنسية”، والمقاطعة الاقتصادية (Economic Boycott)، في الأعراف الدولية، هي إجراء زجري وتهديد اقتصادي للعدول عن فعل ما تنوي حكومة إقراره كالزيادة في الأسعار أو فرض رسومات إضافية.
وقد أصبحت “المقاطعة الاقتصادية” ضربة موجعة للمنتجين خاصة، مع ما لها من تداعيات على المنظومة الاقتصادية ككل إذا ما تجاوز مداها الشهر أو الشهرين، علاوة على التأثيرات السلبية المباشرة لها على المحيط الاقتصادي العام.
ومعلوم أن السياسة الاقتصادية المتبعة في دول الاتحاد الأوروبي تحتم “فعل أي شيء” في سبيل أن يكون اليورو في تمام عافيته. لكن إذا ما أصبح متأثرا جراء مقاطعة اقتصادية ما ــ ولو في مدى قصير ــ أسرعت كل الأطراف، بما فيها الحكومية، إلى مائدة المفاوضات، والسؤال التحدي أمامها هو إما المقاطعة وخنق اليورو أو التخلي عن الكاريكاتور وازدراء الديانات.
وقد لاحظنا أن هذه المقاطعة بدأت تؤتي أكلها بأن دفعت بالسلطات الفرنسية إلى الهرولة للحد من “طوفانها” للحيلولة دون “الخسائر الضخمة” التي قد تتكبدها من صمتها على إيذاء مشاعر المسلمين والتنكيل بهم تحت يافطة “حرية التعبير”، واليوم سيكون حادث الأستاذ الفرنسي علامة فارقة في السياسة الفرنسية والأوروبية عموما تجاه الأقلية المسلمة، ولإجبارها، ولو لوقت معلوم، على إعادة النظر في مفهومها لحرية التعبير حتى يبقى السيد اليورو متمتعا بكامل العافية.