الأستاذ عبد اللطيف مجدوب يكتب : حبس المتقاعد داخل معاش.. هل هو امتنان لخدماته؟!..

admin
كتاب واراء
admin21 يناير 2022آخر تحديث : منذ 3 سنوات
الأستاذ عبد اللطيف مجدوب يكتب : حبس المتقاعد داخل معاش.. هل هو امتنان لخدماته؟!..

عبد اللطيف مجدوب

قرابة المليون ونصف المليون متقاعد مغربي، وفقا لتصريحات رسمية؛ تشمل قطاعات عمومية وخصوصية وشبه عمومية؛ في القطبين المدني والعسكري، يتأرجح المتوسط العام لمعاشاتهم بين أربع مائة درهم وخمسة وثلاثين ألف درهم شهريا، كما تكاد نسب أغلفة المعاشات الأكثر استهلاكا لأرصدة التقاعد تنحصر في %70، وتضم الفئات ذات الدخل المتراوح بين 2.5 ألف حتى 8 آلاف درهم شهريا.

الحديث عن هذه الفئة من المواطنين “المتقاعدين” أو المحالين على المعاش، كما تتلطف في تسميته بعض الوثائق، حديث ذو شجون، يتفرع سياقه إلى عدة قضايا أو بالأحرى إكراهات معيشية؛ تعلق الأمر بالتغطية الصحية أو السكن أو التمريض أو بالكفالة الاجتماعية. وغير خاف على أحد أن كتلة الأجور العامة للموظفين، داخل أروقة وزارة المالية والاقتصاد؛ عرفت تعديلات (من حيث مرتباتها الأساسية) توافقا مع الخط التصاعدي لأسعار المواد الأساسية وظرفيات المعيشة، بينما ظلت الأجور المحولة للمتقاعدين جامدة؛ لم يطرأ عليها تغيير منذ قرابة العقدين، فظلت قاصرة عن تغطية ضروريات عيشهم اليومي، لولا مؤازرة ذوي القربى والأريحية، بل إن منهم من يندرج ضمن الآية الكريمة ((يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف))، وهم الذين أفنوا حياتهم في خدمة وطنهم المغرب وأبلوا في سبيل تقوية أعمدته البلاء الحسن.

النظرة إلى المتقاعد من وراء ستار

ما زال المجتمع المغربي؛ ومعه العديد من المرافق الأساسية؛ ينظر إلى المتقاعد كمجرد شيء فني عمره، أو على مشارف الغروب، تتبادله نعوت في أغلبها قدحية مثل “صاحب الركينة”؛ “الهدّار”؛ “الشيباني”؛ “مول العكاز”.. أما الدولة؛ فحتى اليوم؛ لم تعد ترى فيه سوى رقم نشاز cacophony، تظل كل سنة مالية تنظر إليه من وراء ستار ولسان حالها يردد “أما زال حيا؟!”، بل إن من المؤسسات البنكية والبريدية من صدرت لها تعليمات بضرورة الحضور الشخصي للمتقاعد والمعني بالحوالة الشهرية، وهو إجراء تم استنساخه من “شهادة الحياة” التي كانت تجبر المتقاعد على الإدلاء بها عند تسلمه “معاشه الشهري”.

مثال نبيل لدولة تقدر أدواره

ذهبت صحبة ابني للتسوق من إحدى الأسواق التي تكتظ بها مدينة مونتريال، وكم كان اندهاشي لنظرات المستخدمين لزبنائهم من حيث دماثة الأخلاق والأخذ بأيديهم، وسيتحول اندهاشي إلى ذهول حينما تفحصت فاتورة المقتنيات، فوجدتها تنقص عن ابني، وهي بالتقريب نفس المقتنيات؛ بنسبة وصلت إلى %35 بين الفاتورتين، ولما استفسرته أجابني فورا بأن الزبون- لديهم- إذا لاحظوا تجاوز سنه الستين من العمر خفضوا له من تسعيرة المواد، كان حاملا للجنسية الكندية أو زائرا لها فقط، أما إذا أدلى ببطاقة المتقاعد الكندية استفاد من التخفيض يصل أحياناً إلى %60! بطاقة المتقاعد لدينا لا تخول صاحبها حتى “شربة ماء”!

كما علمت أن بعض المؤسسات والمعاهد الثقافية تنظم بشكل دوري ومنتظم ندوات وأياما دراسية؛ تستدعي لها بعض الفعاليات “المتقاعدة” بقصد تبادل الخبرات ورأب الفجوات بين الأجيال، ويلاحظ وبإعجاب كبير؛ امتلاء المدرجات والباحات الجامعية عن آخرها بالجمهور الذي حج من أنحاء كندا لحضور هذه الموائد الثقافية وتوسيع آفاقها.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.