الأستاذ عبد اللطيف مجدوب يكتب : شعب الحمد لله..!

admin
كتاب واراء
admin28 يونيو 2022آخر تحديث : منذ سنتين
الأستاذ عبد اللطيف مجدوب يكتب : شعب الحمد لله..!

عبد اللطيف مجدوبا

سيمفونية محْق البشرية!

سيمفونية مروعة تلك التي جعلت من آلة النار والدمار معزوفة لها، يقودها المايسترو فلاديمير بوتين وجو بايدن، وفي خلف الأوبرا جلس رهط من الاتحاد الأوروبي وآسيا وأمريكا يصفقون وتتعالى هتافاتهم، وغير بعيد من المسرح وخلف الأسلاك الشائكة، تقف شعوب وقبائل ودول تتضوع جوعا، ولا تطيق حتى الكلام والصراخ!

إنها الصورة الخلفية الأكثر قتامة التي باتت تؤثث لحياتنا اليومية، وزاد من بشاعتها اقترانها بتوالي أهوال “الفيروسات” وحصدها للأرواح باسمها حينا أو نيابة عنها حينا آخر، مع خنق الأنفاس حتى لم يعد أحد قادرا على التوجع أو الجهر بالألم.

شعب الحمد لله

شيمة قد تكون أبرز الشيم التي يتصف بها المواطن المغربي على الإطلاق، تصاحبه في غدوه ورواحه أنى كان، هي رده التقليدي عن كل من بادر إلى مصافحته وسؤاله “كيفْ دايرْ؟”، جملة “الحمد لله”، يقولها بعفوية مباشرة، حتى ولو كان سقط لتوه من الطابق الرابع وما زال به رمق حياة! على خلاف ما تزخر به ثقافات أخرى، عند تصافح أفرادها، فتسمع:

I’m fine, thanks. And you ? What about you ? ، How are you ?

good thanks

not comfortable

never all right

peu petit un

“بخير الله يعطيك العافية”، “مليح ربنا يسعدك”، أو يلوذ بالصمت. ويبلغ التفاؤل أشده بشريحة عريضة من المواطنين المغاربة ألا يكتفون “بالحمد لله”، بل يُشهدون الله على ذلك في كل مرة يتصافحون فيها، ويتساءلون “كيف داير” فيُقسمون “والله الى بخير”، يقولها أحياناً كقافية درجت عليها العامة، والله أعلم بما إن كان “على الحديدة”، أو “الدّص”، بيد أن المفارقة في هذا هي: ما إن تخوض معه في الحديث وتنتقل إلى “قاعْ الخابية” حتى تسمع منه ألوانا وصورا من المصائب والأهوال، قد يندى لها الجبين، يعيشها أو بالأحرى يعايشها صباح مساء، ولكنه “متكتم” عنها أو يأنف من أن يفاتح بها كل الوجوه التي تصبحه وتمسيه.

الحكومة تتذرع بالحمى العالمية!

في كل لقاء رسمي أو مساءلة للحكومة عن لهيب الأسعار، تحاول تكميم الأفواه بلصّاقة “شوف آشْ واقع فالعالم”، فهي تتذرع دائما بالظرفية الاقتصادية الخانقة التي تعم العالم، جراء الحرب الروسية الأوكرانية وظلالها على اشتعال فواتير الطاقة والتغذية، ويعني هذا في المعاش اليومي للمواطن العادي، أنه إذا كان بالأمس قبل اندلاع الأزمة يعيش بمتوسط 100ده/ي أصبح الآن لا تكفيه حتى 300ده/ي، وكأنه خسر، بفعل رسوم الزيادات 30% إلى 40% من مرتبه الشهري، أي إن الموظف بأجرة 8000ده/ش -على سبيل المثال – ستتقلص أجرته، في ظل الزيادات، إلى 6000ده/ش، كمن سيخسر نسبة 25% من راتبه الشهري التي “أحرقتها” نيران الزيادات المتوالية!

والأخطر صحة المواطن

وفي حالة الكر والفر والفوضى التي تعم السوق الطاقية والمواد الغذائية، أصبحت الشركات المنتجة للمواد الاستهلاكية وتجار التموين لا يتورعون عن سلوك أي طريق بهدف الربح والحيلولة دون الخسران، فلجؤوا إلى إعادة تسعيرها وإنتاجها بدرجات أكبر في التسعيرة وأقل في الجودة، فأصبح المواطن المستهلك، وتبعا لهذه الفوضى العارمة، ملزما بأداء الزيادة، وفي آن، الاكتواء بسوء الجودة، في غياب شبه تام ومطبق لأجهزة الزجر والمراقبة والمتابعة والمحاسبة، ما يفتح الأبواب على مصاريعها أمام التدليس والغش بصور فظيعة، فيلج المواطن إلى السوق وكأنه على عتبة غابة تأوي الوحوش الكاسرة والزواحف السامة، سواء اقترب من الجزار أو الخضار أو المحلاب أو العطار أو الخباز… كلٌ ينفث بسمه في بضاعته، والضحية دوما “صحة المواطن” التي لا تحضر مطلقا لدى هؤلاء الوحوش والزواحف.

لكن، إذا استمرت الأوضاع على هذه الوتيرة وزاد من وهجها تصعيد الحرب الروسية الأوكرانية وغياب الفعالية الحكومية في المراقبة والمتابعة، فمن المرجح أن ينفجر الوضع، والله أعلم بمداه وأبعاده.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.