خبير في التحليل النفسي يناقش ظاهرة الانتحار عند الأطفال والمراهقين

admin
بدون حرج
admin14 أبريل 2019آخر تحديث : منذ 6 سنوات
خبير في التحليل النفسي يناقش ظاهرة الانتحار عند الأطفال والمراهقين

د.جواد مبروكي *

لاحظت خلال السنوات الأخيرة في عدد من المواقع الإعلامية أخبارا عن حالات الانتحار عند الأطفال والمراهقين. وبطبيعة الحال قد تؤثر هذه الأخبار سلبيا على القارئ والرأي العام، وتطرح تساؤلات عدة، ووجدت أنه من المهم الإدلاء ببعض التوضيحات بشأن هذا الموضوع المؤلم مع العلم أنه لا توجد دراسات جادة عن الانتحار في صفوف الأطفال على الخصوص.

1. بعض الأرقام

لا يمكن للطفل تصور الموت كظاهرة لا رجعة فيها قبل 7 سنوات. في فرنسا، يُقتل ما بين 30 إلى 100 طفل كل عام، لكن من المحتمل أن يكون عدد كبير من الحوادث نظائر انتحارية. وبالتالي من الصعب التحدث عن الانتحار عند الطفل لأن ظروفه تختلف كثيرا عن ظروف الراشد لتصميم الانتحار.

بالنسبة للمراهقين الذين تقل أعمارهم عن 14 عامًا، فإن عدد حالات الانتحار بفرنسا يختلف حسب السنوات، وعلى سبيل المثال في سنة 2000 “44 حالة” وفي 2008 “26 حالة” وفي 2011 “41 حالة” وفي 2014 “30 حالة”.

لذلك من الصعب أن نقول إن عدد الانتحار في تزايد، وربما يكون هذا انطباعًا بعد كمية منشورات حالات الانتحار في وسائل الإعلام والحديث عنها كثيرًا.

2. الانتحار عند الطفل

عند الطفل نتحدث عن “قتل نفسه” وليس “الانتحار” من خلال تصرفه بشكل متهور دون أي تقييم للمخاطر الحقيقية مثل فقدان حياته لأن ليس لديه القدرات الذهنية الكافية لإدراك حقيقة الانتحار. كما يرى في الموت، حلا لمشاكله المدرسية أو العائلية أو العاطفية. ومن الصعب علينا كأخصائيين أن نتخيل أن انتحار الأطفال هو عمل متعمد. في السياق نفسه أيضًا، يمكن للطفل أن يقتل نفسه من خلال حادثة تقليد لبطله أو لأحد أفراد عائلته مات منتحرا على سبيل المثال. كما تدخل هذه الحادثة في خانة اللعب والمغامرة والتهور.

3. الانتحار عند المراهق

غالبا ما يكون الانتحار على شكل انفعال متسرع بدون سيطرة، أو كردٍّ انفعالي خلال نوبة غضب حاد بعد ظلم كبير أو تفكك عاطفي أو عائلي أو خيانة. من ناحية أخرى، بإمكاننا الحديث عن الانتحار المتعمد والمخطط له عند المراهق لما يكون في ضائقة ثانوية للمشاكل العاطفية والخطيرة، وغالبًا ما يحدث هذا لما يعيش المراهق علاقة مرضية مع والديه.

4. الأعراض التي تدل على إقدام الطفل على الانتحار

ليس لدينا دراسات كثيرة وجدية لتقييم المخاطر، مع العلم أن الطفل لا يتمتع بنضج فكري وعاطفي كاف للتعبير عن آلامه والاكتئاب الذي يعاني منه على سبيل المثال. ويصعب الأمر بكثير لأن حالة وفاة الطفل تحدث غالبًا بطريقة متهورة وغير مدركة.

5. مؤشرات تدل على إقدام المراهق على الانتحار

عند المراهقين، لدينا علامات كافية لتقييم خطر الانتحار المنعكس والمندفع. هذا هو السبب في أننا نظل دائمًا متيقظين للغاية دون أي استخفاف لهذا الخطر إلى درجة أنني شخصياً أعتبر أن كل مراهق متعرض لخطر الانتحار حتى أمام مشكلات تافهة في أعين البالغين.

وتشمل هذه الأعراض: العزلة، انخفاض في العلاقات الاجتماعية، نقص الاستثمار في المدرسة، إهمال النظافة، الحزن، فقدان أو زيادة الوزن، هجمات الغضب، غياب الدفاع عن النفس، الكثير أو القليل من النوم، سوابق الانتحار عند بعض أفراد العائلة، صعوبات في العلاقات، أفكار الموت، فرحة أو حزن مفرط. أمام هذه الأعراض التي تأتي تدريجيا مع تغير كبير في سلوك المراهق، يجب الاستشارة مع أخصائي على الفور.

6. كيفية الحديث عن الانتحار مع الأطفال والوقاية منه

نعرف أن الأطفال، من خلال المواقع الاجتماعية، يهتمون بهذه الظاهرة التي ما تزال غامضة بالنسبة إليهم، مع العلم أن الطفل ينجذب إلى سرِّ كل شيء.

إذا تحدث الأهل عن الانتحار كاختفاء نهائي، يجب إخبار الطفل بأن هذا عملا يسبب الحزن للوالدين. وكيف ما كان نوع مشاكله، يجب إخبار الوالدين لأنهم قادرون على حلها والاستمرار في العيش جميعا لأن الآباء يحبون أبناءهم ومن دورهم القيام بحمايتهم. ولا داعي للتخويف والتهديد مثل “الحرام” و”جهنم”.

ولكي يعبر الطفل أو المراهق عن معاناته والتفكير في الموت أو الانتحار، يجب على الآباء أن يقتربوا كثيرا من أطفالهم مع قضاء الوقت الكافي معهم واللعب معهم كثيرًا. كما يجب أن نعبر لهم عن حبنا المطلق وأن نكون حاضرين حقًا في حياتهم. يجب أيضا أن نهتم بعالمهم، وأصدقائهم، ومشاكلهم مع رفاقهم. غالبا ما يستخف الآباء بمشاكل الطفل في حياته وعلاقاته مع الأطفال الآخرين “لعب الدّْراري”، علما أن كل فرد منا يعاني من مشاكله وفقًا لعمره وكلنا نعيشها بألم يختلف من شخص إلى آخر. مع الأسف الشديد، لا يعتبر الآباء حزن وألم الطفل بعد خلاف مع أصدقائه على سبيل المثال، وهذا خطأ كبير.

*خبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.