ذ.عبد اللطيف مجدوب يكتب : أطباء بلوحات إغرائية ..!

admin
كتاب واراء
admin28 أبريل 2022آخر تحديث : منذ سنتين
ذ.عبد اللطيف مجدوب يكتب : أطباء بلوحات إغرائية ..!

عبد اللطيف مجدوب

بالأمس القريب، كانت لوحات العيادات في قطاع الصحة تحمل الصفة المهنية للطبيب ما إن كان منتميا إلى الطب العام أو الطب الخاص ذات الاختصاص في علاج مرض معين أو أمراض عديدة كالمصحات متعددة الاختصاصات polyclinique. ومع تكاثر العيادات الخاصة، داخل الحواضر والمراكز الحضرية، وازدياد الوعي الصحي لدى المواطنين من جهة، وارتفاع الحالات الصحية الدقيقة من جهة أخرى، وقع الإقبال الجماهيري إلى حد ما على زيارة العيادات المختصة، وفي آن تراجع الإقبال نسبيا عن زيارة العيادات في الطب العام؛ ما دفع ببعضهم إلى إعادة النظر في لوحاتهم بمداخل البنايات والعمارات، فعمدوا إلى تعزيزها بصفات أخرى، يحار قارئها أو الزائر ما إن كان أمام عيادة “طبيب عام” أو طبيب خاص، فبدلا من الاكتفاء بتثبيت لوحة (اسم الطبيب والطب العام) كما كان الحال آنفا يقوم بإضافة صفات أخرى من قبيل الفحص بالأشعة، قياس الضغط العالي، العلاج بالصدمات…

ظاهرة اللوحات المغرية في الطب العام هذه تفشت في الآونة الأخيرة وبصورة غير اعتيادية، فانبثق عنها ظهور مرافق صحية جديدة “كعيادات طب الأعشاب وطب القرآن…”، وأحيانا تجدها متزاحمة ومتجاورة في شارع واحد لعيادات الطب العام أو الطب الخاص.

قضية المؤهلات والدبلوم

ارتباطا بظاهرة لوحات العيادات الصحية الإغرائية، كان معلوما فيما مضى أن الطبيب في القطاع الصحي العام يمضي فترة تكوين لأربع سنوات قبل أن يتوج بدبلوم على إثر اجتيازه لمباراة.. بيد أن الطبيب الاختصاصي (الأخصائي) تمتد سنوات تكوينه نحوا من ثلاث سنوات أو أربع، عدا التداريب الميدانية وحصص الحراسات الدورية، ويخضع لمباراة أحيانا انتقائية قبل منحه قسم أبقراط؛ إلا أن المفارقة تكمن في أن بعضا من هذه العيادات ولو على قلتها، في الطب العام، لا يحمل أصحابها أي دبلوم”، ولا خضع لتكوين رسمي منتظم، ولا سعى في بعض الحالات النادرة إلى معادلة دبلومه إن كان فعلا قدِم به من خارج المغرب !

بعض الأطباء في القطاع العام يجلب إلى عيادته أجهزة رثة في أمس الحاجة إلى تجديدها أو تجديد قطع غيارها أو تحيينها.. فتوهِم زائره بأنها تشتغل ويحتسبونا في فاتورة أداء الزائر (المريض).

كما أن استشارة طبيب في الطب العام بخصوص حالة مرضية كارتفاع نبضات القلب أو مغص حاد في المعدة أو اختناق في التنفس.. نادرا، وحسب تقاليد امتهان حرفة الطب في المغرب، ما يحيل هذا الطبيب زائره على طبيب مختص تبعا لحالة مريضه؛ بل يلجأ بدلا من ذلك إلى إثقال كاهله بالوصفات الطبية والعودة إلى مراقبته، بينما في الثقافة الغربية، نجد أن معظم الأطباء في كلا القطاعين، وحسب ما جرت به أخلاقيات المهنة، يمتلكون، ضمن مرجعياتهم المهنية، أرقام هواتف لأساتذة وباحثين وأخصائيين عبر العديد من المعاهد والجامعات، بقصد استشارتهم، لا سيما أمام الحالات المرضية المستعصية، وفي كثير من الأحيان يحيل هذا الطبيب زائره على طبيب آخر محنك ومختص في الحالة المرضية، ويعمل على ربط التواصل بينه وبين مريضه.

الدولة ومهنة الطب

تبعا لبعض الإحصائيات والملاحظات الأمبريقية (العلمية) التي جرت مؤخراً، تبين أن هناك شعورا عارما بالتذمر ينتاب السواد الأعظم من أطبائنا نظرا للارتفاع المهول في نسب الضرائب والاستحقاقات المفروضة عليهم؛ ما يربك أنشطتهم ويجعلهم يزهدون في كل تكوين مستمر، بل إن منهم من أوشك على الإفلاس أو اضطر إلى التخلي مكرها عن مزاولة مهنة الطب، وقد تُدمّر الدولة المنظومة الصحية بالكامل إذا هي أقدمت على فرض الانخراط في “إجبارية التأمين الصحي” الذي يستدعي من الطبيب في القطاع الخاص مثلا أداء مساهمة اشتراك بمبلغ خرافي يناهز ثلاثة آلاف درهم 3000،00 درهم/ش، أي خمسة أضعاف الوجيبة الشهرية المرصودة للقطاعات الاجتماعية الأخرى، في إطار برنامج التغطية الصحية المزمع تنزيله؛ ما يعني أن الحكومة تتجاهل تماما الأوضاع المزرية لقطاع الأطباء والتضحيات الجسام التي بذلوها.

فمن الجانب الأخلاقي المهني، يتوجب على الدولة النزول إلى الميدان الصحي ومعاينة واقعه في محاولة لتنظيم القطاع والصفة التي يجب أن تحملها لوحاته في الحواضر والمدن، والعمل على تطهيره من حالات الانتحال والترامي والزيف.

النهوض بالقطاع الصحي

تشكو حاليا مستشفياتنا من نقص مريع، سواء على مستوى الأطر أو التجهيزات والبنيات التحتية. وفي سبيل تقريب الصحة والاستشفاء من المواطنين، على الحكومة ممثلة في وزارة الصحة والحماية الاجتماعية الإسراع في تفعيل مشروع التغطية الصحية وإعادة النظر في بنوده الخاصة بالأطباء في القطاع الخاص، والأخذ بعين الاعتبار الوضعية المزرية التي يعيشها معظمهم جراء الارتفاع المهول في نسب الرسوم والضرائب الخاضعين لها أولا، والركود الحاد الذي تعرفه زيارة العيادات الصحية ثانيا.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.