في ذكرى ميلادها: داليدا بملامح شرقية و لكنة غربية، حكايات تروى

admin
2019-01-22T00:45:43+01:00
ثقافة وفن
admin22 يناير 2019آخر تحديث : منذ 5 سنوات
في ذكرى ميلادها: داليدا بملامح شرقية و لكنة غربية، حكايات تروى

فريدة بن سليم / من وهران ل”رسبريس”

صادف تاريخ 20 يناير الذكرى 86 لولادة أسطورة الفن العالمي ” داليدا “، تلك  الفتاة الشرقية التي أبهرت العالم بصوتها الساحر و أدائها الغربي ، ولعل هذا ماميزها عن  معاصريها ، فقد استطاعت داليدا  أن تجمع بين النغمة الشرقية و الغربية في أغانيها ،  ذلك المزيج الذي منح أداءها الفني نكهة خاصة ان لم نقل استثنائية  .

  داليدا  : من شبرا إلى العالمية

ولدت داليدا أو بالأحرى ” يولاندا كريستينا جيجليوتي”   بمنطقة شبرا المصرية في17 يناير1933، وقد كانت ابنة لمهاجرين إيطاليين ، ترعرعت في مصر لتكتسب الكثير من تراثها و أصالتها  ،  و نشأت كفتاة مصرية شرقية أصيلة ، و لطلتها الباهرة و جمالها الشرقي الساحر استطاعت أن تنال لقب ملكة جمال مصر لسنة 1954، لتنتقل بعدها إلى فرنسا حيث بدأت مسيرتها الفنية ، ونالت هناك شهرة واسعة و داع صيتها .

وقد استطاعت داليدا أن تؤدي العديد من الأغاني و بلغات مختلفة فقد جمعت ما بين الفرنسية ، الايطالية ، الاسبانية ، اليونانية   و حتى العربية ، فشهرتها  لم تمنعها من الحنين إلى أصولها الشرقية و بالأخص مصر ، مصر التي ترعرعت فيها و كبرت بين أحضانها غنت لها داليدا أكثر من مرة.

ولعل هذا ما جعلها تتبوأ  قمة النجومية و الشهرة ،  كفنانة فريدة و استثانية.

 - رسبريس - Respress

داليدا نجم سطح في  السينما المصرية أنار سماء الفن العالمي :

لا أحد ينكر أن بدايات داليدا الفنية كانت من خلال السينما المصرية ، فقد كان لها رصيد من الأفلام السينمائية و إن تنوعت مابين الكومبارس في فيلم “ارحم دموعي ” للمخرج ” هنري بركات ” سنة 1954،         و دور ثانوي في فيلم “الظلم حرام ” لحسن الصيفي ” و ” سيجارة و كأس ” لنيازي مصطفى ” . إضافة إلى دورها المميز في فيلم المخرج العالمي ” يوسف شاهين ” المأخوذ عن رواية ” اليوم السابع للكاتبة ” أندريه شديد «، و الذي حمل نفس اسم الرواية.

 أما الانطلاقة الحقيقية لداليدا فكانت في باريس ،  لتحترف الغناء. وقد كانت لها مسيرة فنية حافلة بالنجاحات .وفي سنة 1955 سجلت أول أغنية بعنوان ” مادونا ” لتلقى نجاحا كبيرا . وبخطى ثابتة توالت أعمالها الفنية             ، لتشكل سنة 1956نقطة فاصلة في حياتها الفنية ، وحتى اعتبرها البعض ” العصر الذهبي ” لداليدا،           و استطاعت أن تحظى أغانيها بشهرة واسعة في أواسط  الجمهور الغربي ،خاصة بعد مشاركتها في حفل             ” الاولمبياد ، لتتصدر صورها أغلفة المجلات الفنية كوجه إعلاني ،و فنانة لها صيتها .

وفي سنة 1957 استطاعت أن تحصل على سجلها الذهبي من خلال أغنية “BAMBINO”، و لتحصد بعدها العديد من الجوائز منها ” الأوسكار “لإذاعة ” مونت كارلو” و تربعت على عرش الأوسكار  لسبع سنوات على التوالي  . و بعد سنوات من العجاف و النكسات و غيره.  وحتى 1986 منحت  الجائزة الكبرى في ايطاليا ,لتشكل سنة 1974، سنة المكاسب  حيث كان لعودتها للغناء على مسرح” أولمبياد” ،فال حظ بالنسبة لها حيث نالت من خلال تقديمها ل”جيجي لاموروسو” نجاحا باهرا و شهرة ، وحيث  صنفت الرقم واحد في 12 دولة

وفي سنة 1978 كان لها موعد مع جمهورها العربي ، الذي لم تبخل عليه بفنها ، و هده المرة وجهت له عدة أغان ،  لتقدم أغنية من الفلكور المصري حملت عنوان ” سالمة يا سلامة “، كما قدمت أغنية ” حلوة يا بلدي ” التي سجلت في مصر سنة 1983 ، لتحمل الأغنية فيض من المشاعر الجياشة ، وشعور بالانتماء و الحنين إلى الوطن ، و قد كانت إحدى الأغاني التي أهدتها للجمهور المصري خاصة ، عبارة عن رسالة امتنان و ووداع لوطن لطالما احتضنها .

شبح الموت يطارد داليدا

داليدا التي عاشت النجاح و الشهرة ،  سرق  الموت أقرب الناس إليها ،  فلطالما طارد شبح الموت حياة داليدا ، ليخطف أعز الناس وأقربهم  لقلبها . فقد شاءت الأقدار أن يغادرها  حبيبها مؤلف الأغاني “لويجي تينكو”،الذي وجد ميتا  في غرفته في  الفندق، لتتعرض داليدا لأزمة نفسية حادة ،    و ابتعدت لفترة عن المجال الفني و الأضواء ، لتعود بعد ذلك  لمزاولة أعمالها الفنية .

لكن الموت كان لها بالمرصاد ، وهاهو لا يخلف لها ميعاد ، ففي سنة 1970 انتحر ” لوسيان موريس ” الذي كان ذراعها الأيمن في أعمالها الفنية باعتباره المشرف على أعمالها، و كان له دور  في انطلاقتها الأولى  ، و شكل الحدث خسارة لها من كلا الناحيتين الفنية و الشخصية ، لتدخل في حالة من الحزن الشديد . ولم تضمد جراح داليدا ولم تفق  من  وقع تلك الصدمة بعد  حتى تلقت صدمة وفاة صديقها المقرب “ريتشارد تشانفراي  “1983 ، و شكلت وفاته القشة التي قسمت ظهر البعير ، فتلك الفاجعة كانت لها انعكاساتها على مسيرة داليدا الفنية، إذ دخلت داليدا في حالة من الاكتئاب الحاد ، و ابتعدت عن الفن فترة من الزمن ، وحتى أنها لم تعد مطلوبة  في الوسط الفني ، فهجرها الأحبة قبل الغرباء ، وكانت الوحدة رفيقها الدائم .

حتى جاء   المخرج العالمي ” يوسف شاهين ” و أسندها دور في فيلمه ” اليوم السابع سنة 1986 ، والذي كان  بمثابة القبلة التي أعادت الحياة إلى  تلك الأميرة النائمة ” داليدا ” ، وقد أدت دور الفلاحة  ” صديقة”، لكنها ظلت بعيدة عن الغناء و الموسيقى.

1 - رسبريس - Respress

  …..و من الحب ما قتل :

استطاعت داليا أن تحقق العديد من النجاحات ،و كانت لها بصمتها في الفن العالمي ، ومابين الشهرة و النجاح  لم تتمكن داليدا من أن تحقق أقصى حاجة ألا وهي حاجتها إلى الحب ، فالإنسانة التي استحوذت على قلوب المستمعين بلا مقابل  ،  كانت تشحت لحظة حب و اهتمام ، فتلك الشهرة و المال لم تعوض حاجتها إلى الحب الحقيقي و الصادق ، فهي كأي أنثى حلمت برجل يحتويها و يغدق عليها حب و حنان . إذ أنها عاشت قصة حب تراجيدية انتهت بدورها بنهاية تراجيدية، علاقة حب قضت على مسيرة نضال و شهرة و نجاح.                  فنانة كانت في أوج  نجاحاتها في لحظة ضعف  قررت أن تضع حدا لمعاناتها و خيبتها العاطفية  بجرعة زائدة فقط من المنوم غابت عن الحياة ، فسكت ذلك البلبل المغرد في ليلة صيف حارة،  وغابت تلك الشمس التي كانت تشرق على جمهورها العربي و الغربي على حد سواء ، تلك الفنانة الأسطورية  التي استطاعت أن تسطع في سماء الفن  و تخطف الأضواء و تسرق القلوب ، سرق قلبها  دون رجعة ، ليتوقف عن النبض .                                     في تاريخ 03ماي1987 غادرت داليدا الحياة تاركة لمعجبيها تاريخا و رصيدا فنيا مليئا بالانجازات ، الطموحات  و حتى الانكسارات ، فداليدا التي غابت لكن أغانيها و فنها لم يغب و لا زالت لحد الآن لها جمهورها                      و معجبيها و متذوقين لفنها الساحر ، لازال العاشق لوطنه يبحر مع صوت داليدا لوطنه الحبيب مع “حلوة يا بلدي” ، و لازال يعود بين الحين و الآخر محملا بالحنين و فرحة العودة مع” سالمة يا سلامة” ، و لا زال ذلك العاشق مغترا بوطنيته و انتمائه مع” أحسن ناس” و الكثير من الأغاني الني كانت بمثابة المنارة التي لازالت تنير الدروب التائهة، الحالمة  و الباحثة  على مرفأ أمان.   

لعل هذا ثمن النجاح،  وقد دفعت  داليدا ضريبته  غاليا ،و كان الثمن هذه المرة حياتها… بكلمات بسيطة لكنها تحمل عمق  و مرارة هكذا أرادت داليدا أن تودع معجبيها في العالم ، برسالة أخيرة كتبتها أيادي ترتجف    و قلب مكسور :” الحياة لم تعد تحتمل “، فالرسالة اختصرت معاناة ووجع ،  وحياة لم تعد لها قدرة على تحملها ، فداليدا الفنانة ، المرهفة الحس ، الشغوفة و الحالمة لم تنسى يوما أن داليدا هي امرأة ، كلمة قد تحييها و إهمال قد يقتلها ويفنيها، لتطغى داليدا الإنسانة على داليدا الفنانة ، داليدا التي بعثت الأمل و التفاؤل في جمهورها من خلال أغانيها ،  داليدا التي حاربت بجسارة في ذلك الوسط الفني ، حاربت كل متسلق و متنمق ، لتؤسس لنفسها شخصية فنية خاصة بداليدا ،  لم تحارب في معركتها  لتخسر  أمام الحياة ، وفي لحظة قررت الاستسلام .. و كأنها تقول للعالم كله :”كنت قوية جدا لكن بداخلي آلاف الخدشات و الانكسارات…. اعذروني ليس كل ما يرى حقيقة، ففي داخل كل شيء فينا حكاية لا تروى.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.