لغات تدريس العلوم بالمغرب اليوم: أزمة فهم؟

admin
2019-02-22T22:24:22+01:00
كتاب واراء
admin22 فبراير 2019آخر تحديث : منذ 5 سنوات
لغات تدريس العلوم بالمغرب اليوم: أزمة فهم؟

إسماعيل علالي*

لا يخفى على الشارع المغربي هذا اللغط الجديد/ القديم، والصراع الدائر داخل قبة البرلمان وخارجه حول اللغات الأنسب لتدريسية العلوم بمغرب اليوم، وتشظي الفرقاء السياسيين والمهتمين بالشأن اللغوي إلى فرقتين متناقضتين، تناقض الخلفيات والفكرانيات التي ينطلقون منها، إذ ألفينا فرقة سياسية ولسانية تنتصر لطرح وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي الدكتور سعيد أمزازي، الداعي إلى تدريس العلوم باللغات الأجنبية وفي طليعتها الفرنسية، بدعوى أنها لغة التقدم والرقي والنبوغ العلمي، بينما انتصرت فرقة سياسية – لسانية، وفي طليعتها أمين عام حزب الاستقلال، والعدالة والتنمية، ولسانيو الأمازيغية، للأمازيغية والعربية، بدعوى أنهما لغتان وطنيتان بقوة الدستور والتاريخ والانتماء الهوياتي للمغاربة. لكن السؤال الجوهري المغيب في هذا الصراع السياسي المؤدلج واللغط اللساني المسيس هو السؤال الماهوي، وإن شئتم قلتم: سؤال ماهية لغة العلوم.

من هنا، يبدو من المضحكات المبكيات أن ينتصر وزير التربية الوطنية وأنصاره للغة الفرنسية، وهو خريج كلية العلوم، ومن المضحكات المبكيات أيضا أن ينتصر الممزغ للأمازيغية، والمعرب للعربية، واللهجي للدارجة، لسبب بسيط ينسف كل الدعاوى المقدمة لتقديم لغة على لغة أخرى، نجمله في ما يلي:

*هؤلاء المتصارعون حول اللغة الأنجع لتدريس العلوم يشتركون من حيث لا يشعرون في مسألة واحدة، وهي انتصارهم للغات الطبيعية، على حساب لغة العلوم الصناعية، فهم بهذا الانتصار للغات الطبيعية يغفلون مسألة جوهرية تتعلق بماهية العلوم، التي انبنت على لغة صناعية كلية شمولية – بتعبير تشومسكي .

من هنا، وجب تنبيه وزيرنا ومن يسير في فلكه من أنصار اللغات الأجنبية، وأنصار اللغات الوطنية –العربية والأمازيغية- إلى أن اللغات الطبيعية مجرد وسيط تواصلي ثانوي تقريبي في درس العلوم، بينما لغة العلوم الصناعية ببلاغتها الرمزية وخصائصها التجريدية، وأوصافها الإجرائية، هي جوهر التدريسية والتمكن منها أس النبوغ العلمي.

وتأسيسا على ما سبق، يغدو التواصل باللسان الطبيعي الأمازيغي، في المجال الأمازيغي، والعربي في المجال العربي، والفرنسي في المجال الفرنسي، والإنجليزي في المجال الإنجليزي، طبيعيا بدرجة تجعله لا يحدث فوارق معرفية، أو قطيعة هوياتية، كما يدعي المتخاصمون، مادامت العلوم كلها تتأسس على لغة صناعية موحدة، تشكل أساس وماهية جل العلوم، بينما لا تفاضل بين الألسن الطبيعية إلا من حيث أسبقية الاختراع والابتكار ووضع المصطلح العلمي.

*كاتب، باحث في اللغويات وتحليل الخطاب

ism1.allali@gmail.com

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.