أكد المشاركون في لقاء علمي نظم، اليوم السبت بالقنيطرة، أن مواجهة “جائحة” الأخبار الزائفة، سيما خلال فترة الأزمات، تتطلب اعتماد مقاربة شمولية ومتعددة المداخل تجمع بين التحسيس والتكوين واحترام الأخلاقيات والزجر.
وأوضح المشاركون في هذا اللقاء، الذي نظمه (تكوين الدكتوراه .. الصحافة والإعلام الحديث) بكلية اللغات والآداب والفنون التابعة لجامعة ابن طفيل، حول موضوع “الإعلام ونشر الأخبار الزائفة .. قضية ريان نموذجا”، أن التغطية الإعلامية لقضية هذا الطفل الذي شغل بال العالم، اتسمت، في كثير من جوانبها، بالترويج للعديد من الأخبار الزائفة على مستوى المنبار الإعلامية الإلكترونية على وجه الخصوص، وغلبة منطق الربح والركض وراء نقرات الإعجاب ورفع عدد المشاهدات.
وفي هذا الصدد، أعرب أستاذ القانون الخاص بكلية العلوم القانونية والسياسية بالقنيطرة، بدر السريفي، الذي أطر هذا اللقاء، عن الأسف للجوء من وصفهم ب”المتاجرين في المآسي الإنسانية” إلى توظيف عناوين قائمة على الإثارة وعلى المعلومات المضللة خلال تغطية محاولة إنقاذ الطفل ريان، الذي سقط في بئر ضواحي شفشاون، بهدف تحقيق مكاسب مادية ودون أي مراعاة لأخلاقيات مهنة الصحافة.
واشار السريفي، في مداخلته، إلى أن خطورة الأخبار الزائفة تكمن، أساسا، في سرعة انتشارها في ظل التطورات التكنولوجية والفضاء الرقمي الذي يوفر لها “بيئة رقمية خصبة للانتعاش”، مبرزا، على سبيل المثالن التقرير الصادر عن مرصد الآراء العامة الرقمية بالمغرب، والذي أفاد بأن قضية الطفل ريان لامست أزيد من مليار و700 مليون شخص عبر العالم.
واعتبر المتدخل أن مواجهة ظاهرة الأخبار الزائفة يتعين أن تقوم على مقاربة شاملة متعددة المداخل بدءا من الإعلام الذي يجب أن يتحرى الدقة والمصداقية في عمله، ومرورا بالمتلقي الذي يتعين أن يستقي الأخبار من الصفحات الرسمية والموثوقة للمؤسسات الإعلامية، وألا يقع في فخ الإثارة الذي ينصبه مروجو الأخبار الزائفة.
كما أبرز المتدخل دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية من أسرة ومدرسة ومجتمع المدني في مواجهة الأخبار الزائفة، باعتبار الدور المنوط بها، والمتمثل في هذا الصدد في التحسيس وتلقين القيم التي ترفض الترويج للشائعات والأكاذيب، وتدين التربح على مآسي الاخرين.
وحسب السريفي، فإن هذا الدور التحسيسي والتوعوي يمكن أيضا من بناء فكر نقدي لدى الناشئة، سيما تجاه ما يعرض لها في وسائط الإعلام الإلكتروني الذي يفوق الإعلام التقليدي في نسبة انتشار الأخبار الزائفة ب70 في المائة.
وتوقف السريفي عند المقاربة التشريعية في التعامل مع مسألة ترويج الأخبار الزائفة، التي تقوم على الوقاية والزجر، مؤكدا ضرورة العمل على تحيين الترسانة القانونية المعمول بها في هذا المجال لتواكب التطورات المتلاحقة التي يشهدها العالم الرقمي.
وفي سياق متصل، شدد المشاركون في هذا اللقاء، وهم من الأساتذة والطلبة الباحثين، على ضرورة اعتماد السلطات لسياسة تواصلية ناجعة إبان الأزمات، من أجل تنوير الرأي العام وتقديم أخبار صحيحة أولا بأول، وهو ما من شأنه تضييق المجال على “باعة الوهم” من مروجي الأخبار المضللة.
كما دعوا القائمين على المنابر الإعلامية الإلكترونية الجادة إلى اعتماد وظيفة تدقيق الأخبار والتحقق من صحتها قبل بثها، مبرزين، في الوقت ذاته، ضرورة تحسيس مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بوجود أدوات تقنية على شبكة الانترنيت يمكن توظيفها لرصد مدى صحة المعلومة والتمييز بين الخبر الزائف والصحيح.