رسبريس
خلد المغرب والمغاربة أمس الاثنين 14 غشت الجاري، الذكرى الرابعة والأربعين لاسترجاع إقليم وادي الذهب، الحدث الذي يعد محطة تاريخية وضاءة مشرقة في مسيرة استكمال المغرب لاستقلاله الوطني وتحقيق وحدته الترابية. ففي مثل هذا اليوم، وفد على العاصمة الرباط علماء ووجهاء وأعيان وشيوخ ونخب سائر قبائل إقليم وادي الذهب، ضمن وفد رسمي لتجديد وتأكيد بيعتهم لجلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله، معبرين عن تعلقهم بعرش البلاد وعن ولائهم وإخلاصهم، لملك البلاد واصلين الماضي بالحاضر، مؤكدين تمسكهم بمغربيتهم وتشبثهم بالانتماء الوطني وبوحدة التراب المملكة من طنجة حتى الكويرة، مفوتين ومحبطين مخططات ومناورات خصوم الوحدة الترابية والمتربصين بالحقوق المشروعة لبلادنا.
وكان وفد مدينة الداخلة وإقليم وادي الذهب هذا، قد القى بالقصر الملكي بالرباط نص بيعته امام جلالة الملك معلنا ارتباط ساكنة الاقليم الوثيق والتحامهم بوطنهم المغرب. ومن ثمة ما شكله هذا الحدث من لحظة تاريخية كبرى في ملحمة الوحدة الوطنية والترابية، عندما خاطب الملك الراحل الحسن الثاني أبناء القبائل الصحراوية قائلا: “إننا قد تلقينا منكم اليوم البيعة، وسوف نرعاها ونحتضنها كأثمن وأغلى وديعة. فمنذ اليوم، بيعتنا في أعناقكم ومنذ اليوم من واجباتنا الذود عن سلامتكم والحفاظ على أمنكم والسعي دوما إلى إسعادكم، وإننا لنشكر الله سبحانه وتعالى أغلى شكر وأغزر حمد على أن أتم نعمته علينا فألحق الجنوب بالشمال ووصل الرحم وربط الأواصر”. وما كادت تمر إلا بضعة أشهر حتى تحقق اللقاء مجددا بين مبدع المسيرة الخضراء وأبناء إقليم وادي الذهب عندما حل به في زيارة رسمية بمناسبة احتفالات عيد العرش المجيد حيث تجددت العروة الوثقى ومظاهر الارتباط القوي بين العرش وأبناء هذه الربوع من الوطن، وهو ارتباط أحبط كل مناورات خصوم الوحدة الترابية. لينتقل المغرب الى درب البناء والنماء والارتقاء بأقاليمه الجنوبية، وإدماجها في المجهود الوطني للتنمية الشاملة والمستدامة والمندمجة، مدافعا عن وحدته كاملة مبرزا للعالم أجمع مشروعية حقوقه وإجماع الشعب على الدفاع عنها بالغالي والنفيس.
هكذا خلد المغرب أمس الاثنين من غشت الجاري، ذكرى استرجاع اقليم وادي الذهب 14 غشت 1979، والذي يعد يوما تاريخيا مشهودا ضمن ملاحم وطنية كبرى، تحقيقا لوحدة البلاد الترابية واستكمالا لسيادتها الوطنية. ولعل الحدث تتويج لمسيرة كفاح طويل زاخر بدروس وعبر بعد عقود من الوجود الاستعماري الاسباني بالأقاليم الجنوبية، حيث تواصلت جهود ومسيرة تحرير ما تبقى من اجزاء مغتصبة بدءا بمدينة طرفاية في 15 ابريل 1958 ثم سيدي إفني في 30 يونيو 1969، فالأقاليم الجنوبية المسترجعة غداة المسيرة الخضراء التي انطلقت في 6 نونبر 1975 ، وأخيرا استرجاع إقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979. وهكذا، بعد مرور 44 سنة على استرجاع هذا الإقليم إلى الوطن، واصل المغرب جهوده الترابية لتنمية هذا الجزء من الوطن، بجعله قطبا جهويا من خلال اعطاء الانطلاقة لأوراش عمل كبرى وانجاز مشاريع وبرامج استثمارية وتنموية على كافة المستويات والمجالات الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية والثقافية والبشرية، وإقامة تجهيزات اساسية وبنيات تحتية لإرساء اقتصاد جهوي قوي وخلق قاعدة مادية للإنتاج . وهكذا كان الاحتفاء بذكرى استرجاع إقليم وادي الذهب، استحضارا لدلالات الحدث التاريخي الوطني في علاقته بوحدة البلاد الترابية، وهو تأمل ايضا من اجل استقراء مرحلة من ورش التنمية بهذا الربوع من اقليم المغرب الجنوبية، والوقوف على ما حصل من مظاهر ومعالم بناء ونماء بصمت زمن مغرب الاستقلال وما عرف بفترة الجاد الأكبر، من خلال ما تم تنزيله من مشاريع ضخمة وبرامج تنموية بانية للوحدة الترابية ورافعة الاقتصاد الوطني.
وتخليدا للذكرى الرابعة والأربعين لاسترجاع اقليم واد الذهب الى الوطن الأم، وتنويرا لمشاهديها داخل أرض الوطن وخارجه، وتسليطا منها للضوء بهذه المناسبة على هذا الحدث الوطني وعلى دلالته وأهميته ورمزيته وسياقه التاريخي. استضافت قناة ميدي 1 تيفي في نشرتها الرئيسية عبر برنامج خاص بالمناسبة في حوالي نصف ساعة، مركز ابن بري التازي للدراسات والأبحاث وحماية التراث، في شخص عضوه الأستاذ عبد السلام انويكًة الباحث في تاريخ المغرب المعاصر، والذي سلط الضوء على عدد من النقاط ذات الصلة وعلى الحدث في بعده التاريخي الوطني، وضمن مسار وملاحم تحقيق المغرب لاستقلاله الوطني واستكمال وحدته الترابية، معرجا في حديثة ومتفاعلا مع أسئلة البرنامج على ما شهدته الاقاليم الجنوبية عموما من انجازات وأوراش ضخمة ومنها اقليم واد الذهب، الذي بات وجهة وحلقة وقطبا بمكانة خاصة على عدة مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها، وفي علاقة ايضا المغرب بعمقه الافريقي الاستراتيجي.