ازدواجية القانون الدولي : احتلال فلسطين و تدميرالعراق والدفاع عن أوكرانيا..

admin
كتاب واراء
admin8 مارس 2022آخر تحديث : منذ 3 سنوات
ازدواجية القانون الدولي : احتلال فلسطين و تدميرالعراق والدفاع عن أوكرانيا..

حسوني قدور بن موسى

المحامي بهيأة وجدة                                                                              

مند نشأة الأمم المتحدة سنة 1948 ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تسيطرعلى هذه المنظمة و تتحكم في قراراتها فأصيبت بالفشل في الوصول الى حلول جذرية للقضايا الساخنة التي وضعت العالم على شفا حفرة من اندلاع حرب عالمية ثالثة دون أن تستطيع ممارسة أي دور فيها و ظلت أمريكا تهيمن على العالم بأكمله و تتدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة ذات السيادة للحفاظ على مصالحها الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية وأمريكا التي تتهم روسيا بالتهديد باستعمال الأسلحة النووية هي التي استعملت القنبلة النووية ضد ناغازاكي اليابانية سنة 1945 التي قتلت 74 ألف شخص بعد ثلاثة أيام من الهجوم بواسطة السلاح النووي الفتاك و دمرت مدينة هيروشيما بكاملها وأسفر ذلك العدوان عن مقتل 140 ألف شخص و رغم خطورة السلاح النووي والنداءات الدولية لحظرهذه الأسلحة لم توقع أمريكا واسرائيل على معاهدة حذرالسلاح النووي، وأمريكا هي أول دولة طورت أسلحتها النووية وأنظمة ايصال الأسلحة بعيدة المدى وأجرت أكثر من 1000 تجربة نووية وأنفقت أكثر من 8.75 تريليون دولار لتطويرالأسلحة النووية، وأمريكا متزعمة الدفاع عن سيادة أوكرانيا و حماية أراضيها هي التي استعملت العنف و دمرت دولا عديدة عن طريق التدخل العسكري في كوبا وغواتيمالا والدومينكان و كمبوديا والعراق وأفغانستان و ليبيا و الصومال و رووندا وهايتي و دولا أخرى ذات سيادة، و كان التدخل العسكري في العراق بتأييد من بعض الدول العربية الخليجية التابعة لأمريكا دون تفويض من مجلس الأمن خلافا للمادة 7 من الميثاق التي تسمح باتخاذ تدابير زجرية في الوقت الذي أعرب فيه الرئيس الروسي فلادمير بوتين عن رفضه المطلق لهذا التدخل العسكري وانتهكت أمريكا سيادة العراق ودمرت اقتصاده وبنياته التحتية تحت غطاء امتلاك أسلحة نووية حيث تبين فيما بعد أنها كذبة اختلقتها أمريكا غطاء للتدخل الهمجي الذي أدى الى خسائر بشرية وصلت الى أكثر من مليون قتيل ومصاب و ملايين المشردين وأمريكا متزعمة الديمقراطية و حقوق الانسان في العالم هي التي ارتكبت أبشع جريمة قتل في التاريخ عندما نفدت الاعدام ضد الرئيس صدام حسين شنقا في يوم عيد الأضحى تماما كما يحدث في الأفلام الأمريكية ” الكوبوية ” عن طريق مهزلة محاكمة صورية بتهم ملفقة لا تتوفر فيها أدنى شروط المحاكمة العادلة هذا مع العلم أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تقبل بسلطة المحكمة الجنائية الدولية على قواتها العسكرية لأنها تعتبر نفسها دولة فوق القانون الدولي الذي لا يطبق سوى على الدول الضعيفة حسب المفهوم الأمريكي ،و كان المقصود من اعدام صدام حسين هواستفزاز العرب والمسلمين و تركيعهم واحتقارهم واذلالهم في عقر ديارهم فأدى ذلك التدخل العسكري الوحشي الى انهيارالدولة العراقية بأكملها وانزلاق البلاد في عنف طائفي بلغ ذروته  وكان هذا التدخل العسكري العنيف يهدف الى محافظة الدول الكبرى الاستعمارية وعلى رأسها أمريكا على مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية في منطقة الخليج ، وأمريكا التي تتهم روسيا اليوم بالتهديد باستعمال السلاح النووي هي التي أنتجت 70000 رأس نووي منذ سنة 1945 استعدادا لهحوم نووي محتمل، و للتذكير فان قوات حلف شمال الأطلسي بقيادة أمريكا أثناء الحرب العالمية الثانية استخدمت القصف الجوي على المدن والمدنيين ذهب ضحيته أكثر من مليونين و نصف قتيل ، 800 قتيل في مدينة برلين وحدها وارتكبت أمريكا مجازر رهيبة ضد الانسانية و جرائم حرب بشعة وقتل الأسرى في ألمانيا و اليابان و لم يتم التحقيق فيها الى يومنا هذا وقد أكدتها دراسات مثل كتاب معركة ” نورماندي دي- داي” و كانت أمريكا تنظر الى أسرى الحرب على أنهم غير أدميين و بلغت جرائم الحرب التي ارتكبتها أمريكا و الموثقة لدى البنتاغون من ضمنها مجزرة ” ماي ماي” في الفيتنام الجنوبية بلغ عدد القتلى فيها 504347 مدني أغلبهم من النساء والأطفال الأبرياء حيث استخدمت أمريكا السلاح النووي والرش الكيماوي البرتقالي والأزرق و الأخضر لتدمير و حرق واتلاف البشر والحقول والقرى.   

وتعتبر قضية فلسطين المحتلة من أشهر وأبرز القضايا التي لعبت فيها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية متزعمة حقوق الانسان في العالم دورا شيطانيا خبيثا اذ نصرت الباطل على الحق فساهمت بذلك في اقتلاع شعب بأكمله من أرضه ربما لأول مرة في التاريخ الحديث ليحل محله عصابات صهيونية غرباء تهافتوا على أرض فلسطين من جميع أنحاء العالم امتثالا لدعوة الحركة الصهيونية العنصرية التوسعية بزعامة مؤسسها ” تيودورهرتزل ” النمساوي الجنسية من أصل يهودي الذي يعتبرالمهندس والأب الروحي التاريخي للصهيونية السياسية الحديثة الذي شجع يهود العالم على الهجرة الى فلسطين والتخطيط  لما يسمى بالهجرة المعاكسة أي تهجيرالفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين و طردهم الى خارج فلسطين. وبميلاد الأمم المتحدة عام 1948 احتل الصهاينة القدس العربي وأجزاء كبيرة من فلسطين بدعوى حق مزعوم لليهود فيها و بعثت الجمعية العامة للأمم المتحدة لجنة خاصة لاستطلاع رأي السكان لتقديرالموقف وبضغط من أمريكا والصهيونية العالمية وضعت ما يسمى بخطة أكثرية بتقسيم فلسطين الى دولة عربية و دولة يهودية و تدويل مدينة القدس و رغم ادانة اسرائيل عشرات المرات في مجلس الأمن وألاف المرات في لجان الهدنة بسبب أعمال العدوان المستمر ضد الشعب الفلسطيني عجزت الأمم المتحدة عن تخطي مرحلة اللوم والانذار والتهديد الكلامي الى فرض العقوبات الواردة في الميثلق لقمع الاحتلال بل عجزت الأمم متحدة عن ادانة العدوان الاسرائيلي سنة 1967 الذي افتخرت واحتفلت به اسرائيل امام الأمم المتحدة و ظل الفلسطينيون يقاومون لوحدهم قوات الاحتلال الصهيوني الى يومنا هذا واستولى الكيان الصهيوني على نحو 78 في المائة من أرض فلسطين التاريخية متجاوزا بذلك ما نص عليه قرارالتقسيم رقم 181 الصادرعن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947 علاوة على اقتلاع وتهجير سكان الأرض الأصليين حيث غادر فلسطين أثناء الحرب وبعدها زهاء 940 ألف لاجئ فلسطيني وترتب عن ذلك  صدور القرار رقم 194 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولا ننسى أن الدول الغربية التي أصدرت اعلان حقوق الإنسان والمواطن عام 1789 هي التي احتلت مصر بقيادة نابليون وقسموا الوطن العربي إلى دويلات مصطنعة صغيرة لاضعاف القدرات العربية لتسهيل عملية نهب و سرقة خيراتها ولا ننسى كذلك أن هيئة الأمم المتحدة التي أصدرت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 اعترفت بدولة (إسرائيل) وأنكرت حق الشعب الفلسطيني في الوجود فأصبح مشردا مطرودا من أرضه بلا وطن ولا هوية وأمريكا التي تتزعم اليوم، الدفاع عن أوكرانيا التي كانت حقيقة جزءا من الاتحاد السوفياتي، هي التي اعترفت بالكيان الصهيوني 5 دقائق بعد اعلان قيام اسرائيل في 14 مايو 1948 و كانت سببا في النكبة منتهكة بذلك العرف الدولي بخصوص الاعتراف بالدولة الجديدة وأمريكا التي أزعجها استعمال روسيا لحق الفيتو داخل مجلس الأمن هي التي استعملت هذا الحق عشرات المرات لعرقلة قراراته الصادرة ضد اسرائيل كما ظهر تواطؤ أمريكا  مع اسرائيل عندما عارضت في 19 مارس 1948 صدور قرارعن مجلس الأمن يتضمن اتخاذ الاجراءات التنفيذية لضمان حقوق الشعب الفلسطيني ضد سياسة التوسع أثناء حرب 5 يونيو 1967 فأعلنت أمريكا صراحة  مساندتها لاسرائيل وأعطتها الضوء الأخضر لكي تبدأ الحرب و قال الرئيس الأمريكي كلينتون أمام الكنسيت الاسرائيلي في 27 أكتوبر 1994:” رحلتكم هي رحلتنا وأمريكا الى جانبكم الأن وعلى الدوام”واستطاعت أمريكا الغاء قرار الأمم المتحدة الذي يعتبر   الصهيونية معادلة  للعنصرية و ظلت أمريكا على الدوام تشجع اسرائيل على المذابح الجماعية و قتل أطفال فلسطين وهدم المنازل و تهجير السكان الأصليين من ديارهم.

  روسيا تدافع اليوم عن نفسها ضد توسع الناتو شرقا حيث انضمت الصين اليها في رفض توسع حلف شمال الأطلسي نحو الشرق في خطوة  تدل على المزيد من التقارب بين روسيا والصين في مواجهة ضغط الدول الغربية التي تسعى الى تقويض روسيا وخلق قواعد عسكرية تابعة للناتو على حدودها، فهذا الامتداد و التوسع العسكري الاستراتيجي غير مقبول من أية دولة ذات سيادة كما وقع في النزاع بين اليمن و السعودية والهند و باكستان حول” جامو و كشمير” و نزاع أراضي”التبت” بين الصين و الهند  و نزاع ” جزر بحر الصين الشرقي” بين الصين و اليابان و نزاع ” جزيرة قبرص” بين تركيا و اليونان و نزاع ” ترانسدنيستريا ” بين روسيا و مولدوفا و نزاع “مضيق ديكسون” بين أمريكا و كندا والنزاع بين الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا حول جزر” سان خوان” التي سميت بحرب الخنازير لأنها بدأت باطلاق النار على خنزير و نزاعات أخرى مسلحة عديدة بين الدول حماية للسيادة الوطنية لكل دولة.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.