ذ.عبد اللطيف مجدوب يكتب : وراء السباق العربي المحموم للتطبيع مع إسرائيل..

admin
كتاب واراء
admin30 أغسطس 2020آخر تحديث : منذ 4 سنوات
ذ.عبد اللطيف مجدوب يكتب : وراء السباق العربي المحموم للتطبيع مع إسرائيل..

عبد اللطيف مجدوب

أسد علي ومع المحتل الغاصب نعامة!

يتساءل الباحث وهو يتأمل مشهد اجتماعاتنا وموائدنا ومؤتمراتنا التي كثيرا ما تزخر بالمفارقات والاعتلالات العميقة، تتسرب من تقاريرها روائح عفنة باللاءات والاعتراضات والسبل المغلقة، بينما إذا ما نفش فيما وراء الستار واطلع على حمولة الكواليس ربما سيركبه الخبل ومس من الجنون، وهو يقف، ولو عن بعد، على مقدار التعاون العربي الإسرائيلي الذي يفوق بعشرات الأضعاف أرقام المعاملات العربية-العربية، في حين إن ثرواته تظل “حكرا” على فئة معينة. هل هي جرثومة من خصوصيات العقلية العربية أم هي صفة موروثة أبا عن جد؟!

عين الغرب على الثروات العربية

كانت وما زالت نظرة الحكومات الغربية إلى الجغرافية العربية الشاسعة محكومة باستغلال خيراتها وثرواتها، من موارد باطنية وسطحية وطبيعية، فاخترقت نسيجها السياسي وأصبحت المتحكمة في قراراتها مهما ضؤل حجمها، حتى ولو كانت عبارة عن إسناد مهام دبلوماسية.

وقد تكشف للعالم مدى قزمية “السيادة”، “والوطنية”.. الخ من العبارات الطنانة التي تتأثث بها الدساتير العربية يوم أن أعلنها جهارا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “بأن العروش العربية” محروسة من قبل القوات الأمريكية، وأن ليس بمكنتها البقاء ولو لأسابيع فقط في غياب هذه الحراسة. وزاد أن أوضح بأن هذه المدخرات العربية من العملة الصعبة التي تتكدس بها المصارف والأبناك العالمية، “ما قيمتها إذا لم نستفد منها نحن أولا؟”.

ثورات الربيع أسقطت القناع

كان العالم أجمع على صلة بتتبع مسارات “الثورات العربية” التي كانت تونس مهدا لها لتنتقل نيرانها إلى باقي الأقطار المجاورة، لكن وفي خضم تفاعلاتها، وبعد أن آلت الأمور إلى الفوضى وظهور التنظيمات الإسلامية المتطرفة وتناحرها على السلطة، ترسخت قناعة لدى “الفكر السياسي الدولي” بأن العرب لم ينضجوا بعد ليشكلوا ثورة سياسية، ومن ثم فهم غير مؤهلين للديمقراطية وإقامة دولة لها كيانها ومعالمها الدستورية.

النفط وتسويق العتاد العسكري

من المعلوم أن منظمة الدول المصدرة للبترول (OPEC-Organization Of the Petroleum Exporting Countries) تتحكم في سياستها العامة شركات عملاقة متعددة الجنسيات، توجد معظم مقراتها في نيويورك، وتقدر عائدات النفط في البلدان العربية بمئات المليارات من الدولارات، عدى مخزوناتها من الغاز في كل من مصر وليبيا والجزائر. إلا أن هذه الثروات، على ضخامتها، لم تؤثر بعد في المستويات التنموية المتدنية، ذلك أن أرقام الأمية والفقر والهشاشة مازالت السمة الرئيسة في هذه البلدان، مما دفع بشعوبها إلى اقتحام المجهول وراء البحار بحثا عن لقمة العيش، بينما عوائد ثرواتها يذهب معظمها إلى تجديد “ترسانتها من الأسلحة” كل وقت وحين بميزانيات تكفي للقضاء على كل أشكال وأسباب الفقر والتخلف، وبناء دول مصنعة نموذجية وبمواصفات حديثة.

إسرائيل وصفقة القرن

من الملاحظ أن أمريكا جندت كل طاقاتها السياسية والاقتصادية داخل البلاد العربية، وقضم أطرافها للتمكين لإسرائيل في التوسع الجغرافي والاقتصادي علاوة على وجودها العسكري بكل من غور الأردن وفلسطين ومرتفعات الجولان وجنوب لبنان، وقد عرف المشروع في بدايته تعثرا من قبل “تحفظ” بعض الدول العربية للقبول بالقدس “عاصمة أبدية” لإسرائيل، مع ما رافقها من أحداث نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. لكن الفكر الصهيوني سيبحث عن صيغة جديدة لهذه المناورة، انكشفت معالمها في “صفقة التطبيع” السياسية الأخيرة، لتبدأ في أعقابها “حمى” السباق العربي المحموم لتطبيع علاقته بإسرائيل، الذي كان بمثابة ضغط (عالي القوة) لتتخلص من تبعات العزلة السياسية أولا، ولتمكن لاقتصاداتها الولوج إلى السوق الدولية التي تتحكم فيها أمريكا بإيعاز من اللوبي الأمريكي الصهيوني.

وفي هذا السياق، لاحظنا في الآونة الأخيرة أن هناك نشاطا ديبلوماسيا محموما تقوده أمريكا بمعية إسرائيل، شمل زيارات متتالية إلى دول المنطقة، في محاولة لضم بقية البلدان العربية إلى التطبيع مع إسرائيل، وكان لافتا أن إسرائيل تضع بندا أساسيا لهذا التطبيع، هو التحالف في إطار العداء التقليدي لإيران أولا، والقبول بسياسية الأمر الواقع ثانيا، سواء في وجودها العسكري ببعض هذه البلدان أو في سياستها القمعية تجاه فلسطين.

العثماني والتطبيع مع إسرائيل*

نشرت صحيفة التايمز الإسرائيلية (The Times of Israel) يوم 5 غشت 2020 مقالا بعنوان “يبدو أن رئيس الحكومة المغربية يشير إلى وجود علاقات مع إسرائيل”، جاء فيه على الخصوص:

” (…) ظهر رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني يوم الثلاثاء وقد تراجع عن التعليقات التي قال فيها إن الرباط لن تقوم بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل”، وتابعت الصحيفة قائلة: “وقال العثماني لموقع الأخبار L360 باللغة الفرنسية إن التعليقات التي أدلى بها يوم السبت لمعارضة (احترار العلاقات مع القدس)، تم الإدلاء بها بصفته زعيما لحزب إسلامي PGD، وليس كرئيس الحكومة، وأضاف السيد العثماني أنه كان يكرر تأكيد موقف حزبه الذي ظل متمسكا به لفترة طويلة”.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.