الأستاذ عبد اللطيف مجدوب يكتب : وحوش المال والوضع الوبائي في العالم..

admin
2021-08-27T01:46:02+02:00
كتاب واراء
admin27 أغسطس 2021آخر تحديث : منذ 3 سنوات
الأستاذ عبد اللطيف مجدوب يكتب : وحوش المال والوضع الوبائي في العالم..

عبد اللطيف مجدوب

وضعية وبائية حالكة

تجتاح العالم، منذ أكثر من سنتين، ثقافة متوجسة، كرد فعل طبيعي للتصدعات السوسيواقتصادية العميقة التي أحدثها انفجار وباء “كوفيد-19” وامتداد تداعياته ليشمل كل بقاع العالم؛ ثقافة مسيجة بمخاوف لا محدودة حينا، ومتنطعة للاستغلال في أبشع أشكاله حينا آخر.

ولعل من أبرز صور هذا الاستغلال بروز شركات عملاقة منتجة للقاحات، وتصدرها للمشهد السياسي والصحي بخاصة. وبحجمها الضخم واحتكارها لكل أدوات تصنيع وتسويق اللقاحات، هيمنت هاته الشركات على كل مواقع القرارات السياسية الصحية؛ بدءا بمنظمة الصحة العالمي WHO وانتهاء بالمنظومات الصحية الحكومية في كل أرجاء العالم، فتحولت إليها قرارات أخصائييها في مجالات توصيف مكونات اللقاحات وتصنيعها وتحديد الحقنات الكافية منها وغير الكافية، والمدى الزمني لتصبيرها وتطعيمها.

بالأمس القريب، كان خطاب المنظمة الأممية منصبا على سياسة تطويق الجائحة والإجراءات الاحترازية التي واكبتها؛ لكن، اليوم، ومع النسب المئوية الهائلة التي استفادت من التلقيحات، اتجه خطابها، فجأة وبإيعاز من هذه الشركات العملاقة المنتجة للقاحات، إلى صيغة “إجبارية” التطعيم وفرض “جواز التلقيح”. ومن ثم، صارت تخمن بأن أخذ الحقنة الثانية أصبح غير كاف؛ بالنظر إلى ظهور متحورات جديدة وسلالات أخرى أشد فتكا !

حقنتان، ثلاث حقنات، أربع حقنات

خلصت دراسة بريطانية حديثة، أجرتها جامعة أكسفورد، إلى “أن الحماية التي يوفرها أكثر لقاحين استخداما للوقاية من سلالة دلتا المتحورة من فيروس كورونا تضعف في غضون ثلاثة أشهر”. وأضافت الدراسة “أن أولئك الذين أصيبوا، بعد حصولهم على حقنتين من لقاح فايزر أو استرازميكا، قد يشكلون خطرا على الآخرين أكبر مما كان عليه الحال في سلالات الفيروس السابق”. كما أوضحت الدراسة أنه لوحظ، بعد مرور 90 يوما على الحقنة الثانية للقاحين، تراجع كفاءتها؛ في حين أن إضافة الحقنة الثالثة تجعل كفاءة اللقاحين في مستوى متقدم يصل إلى 85 في المائة.

احتكار مواد الوقاية الوبائية

لاحظ المواطنون، في الآونة الأخيرة، على الأقل داخل الصيدليات، أن العديد من المواد الصيدلانية اختفت فجأة كبعض أدوات القياس أو الكشف عن الفيروس لدى الشخص، علاوة على أدوية أخرى كفيتامين س (vitamine C1000)، هذا فضلا عن ارتفاع أسعار الكشوفات الصحية داخل المصحات أو الحصول على كشف PCR .

وهذه فرنسا التي ازدهرت أسواقها السوداء ببيع شهادات الخلو من كورونا (snap chat)، بالرغم من الاحتجاجات الشعبية المعارضة للتصاريح الصحية التي فرضتها الحكومة لولوج المقاهي والملاهي والمتاحف والسينما… وتحتوي هذه التصاريح الصحية الفرنسية على مسح ضوئي يتم الإدلاء بها عند مداخل المؤسسات.

جشع وأرباح خرافية

صرح الرئيس جو بايدن، في خطاب له، بأن 20 مليون أمريكي فقدوا وظائفهم جراء الوباء. وفي آن واحد شهد ما يقرب من 650 مليارديرا في أمريكا زيادة في صافي ثرواتهم بأكثر من واحد تريليون دولار، ومنهم من وجد في إنتاج اللقاحات ميدانا خصبا للاستثمار ورفع حالة التأهب القصوى لمواجهة سلالات مستجدة للكوفيد وحمل الناس على تناول مزيد من الحقنات ..!

وتتوقع شركة فايزر وحدها pFizer 53 مليار كعائدات لها في الثلاثة أشهر الأولى من ظهور الجائحة، كما أفادت بأنها باعت 7.8 ملايين دولار من اللقاحات في الربع الثاني من عام 2021؛ بينما لا تزال هناك فجوة ضخمة بين البلدان الغنية والبلدان منخفضة أو متوسطة الدخل.

وقد تساءل البروفيسور جوزيف إي، الخبير في اللقاحات، “هل يطيل جشع الشركات الوباء؟ ويرجع ندرة للقاحات في أنحاء العالم النامي إلى حد كبير إلى جهود مصنعي اللقاحات للحفاظ على سيطرتهم الاحتكارية وأرباحهم الخرافية ومنها بوجه خاص (جماعات الضغوط الصيدلانية).

قضية التصبير ومدة الصلاحية

مع وجود ملايين حقنات اللقاحات في طريقها إلى بلدان القارة الإفريقية، يشعر مسؤولو الصحة العمومية بقلق شديد حيال اقتراب تواريخ انتهاء صلاحياتها؛ مما يحمل الحكومات على الضغط على المواطنين لتناول الحقن قبل نفاد وقت صلاحياتها.

ويضيف مسؤول تابع لمنظمة الصحة العالمية: “نحن قلقون، وبشكل خاص من بعض التبرعات الوافدة؛ فقد تكون تواريخها منتهية الصلاحية”. وهذا ما دفع ببعض الدول (مثال جمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان ..) إلى إحراق 20,000 حقنة. وقد تزايد في الآونة الأخيرة تدمير ما يقارب 450،000 حقنة، لتجاوز تواريخ تخزينها؛ وهو ما يجعل موادها عرضة للتحلل وذات خطورة !

إدانة أممية..

أدانت منظمة الصحة العالمية، منذ أسبوع، الولايات المتحدة الأمريكية ودولا غنية أخرى، مثل إسرائيل وألمانيا، بالأنانية لطلبها حقنا معززة لمواطنيها. وأشارت المنظمة الأممية ذاتها إلى أنه لا توجد أدلة كافية حتى الآن لدعم حقنات ثالثة؛ بينما تظل مليارات من الشعوب حول العالم غير محصنة، ولم تتلق حتى الآن ولو حقنة واحدة !

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.